الافتتاحية

التجارب النووية لفرنسا الاستعمارية..جريمة دولية لا تسقط بالتقادم

إفتتاحية اليوم..

 

 

 

يعود تاريخ 13 فيفري من كل سنة ليذكرنا بيوم مشؤوم من أيام الاستعمار الفرنسي التي سجلت أحد أكبر الجرائم ضد الإنسانية وبالتحديد قبل 63 سنة أي العام  1960، حيث  قامت فرنسا بتفجير أول قنبلة ذرية، في إطار العملية التي تحمل اسم “جربواز بلو” (اليربوع الأزرق)، في سماء صحراء رقان، مما تسبّب في كارثة طبيعية وبشرية، وبحسب الخبراء، يُعادل هذا التفجير الذي تتراوح قوته بين 60 و70 ألف طن من المتفجرات خمسة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان.

 

فرنسا الاستدمارية لم تكتفي بتجربة واحدة بل حولت صحراء رقان إلى حقل تجارب، إذ يقول المؤرخون أنه خلال الفترة الممتدة بـ 57 تجربة نووية شملت 4 تفجيرات جوية في منطقة رقان و13 تفجيرًا تحت الأرض في عين إيكر، بالإضافة إلى 35 تجربة إضافية في الحمودية و5 تجارب على البلوتونيوم في منطقة عين إيكر الواقعة على بعد 30 كيلومترًا من الجبل، حيث أجريت التجارب تحت الأرض.

 

وامام كل هذا الجرائم التي ما خفي منها اعظم بكثير لا تزال فرنسا الجمهوريات المتعاقبة بعد الاستقلال وصولا إلى فترة حكم ايمانويل ماكرون، تحاول عبثا التهرب من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية من هذه الجرائم التي تصنف على أنها جرائم إبادة للأرض والانسان. وفي هذا الإطار يحرص الجانب الجزائري على “معالجة مسؤولة” لكل قضايا الذاكرة، مثلما أكد عليه رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، حيث اعتبر أنّ الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري “لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم”، وأنه “لا مناص من المعالجة المسؤولة والمنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة”.

والمعضلة الكبرى هنا أن فرنسا لا تصر فقط على تجاهل مسؤوليتها التاريخية بل ولم يتمّ إلى غاية اليوم تسليم السلطات الجزائرية خرائط ومخططات تبيّن أماكن دفن العتاد المستعمل أثناء هذه التفجيرات والتجارب، بالرغم من النداءات والمبادرات الكثيرة التي قامت بها عدة جمعيات للمطالبة بالتكفل بالضحايا وتطهير مواقع النفايات الإشعاعية واسترجاع الأرشيف الصحي والتقني.

تعود الذكرى الأليمة كغيرها من التواريخ التي لا تنسى و الغنائم المسمومة التي ورثتها الجزائر من أعتى الدول الاستعمارية في العالم، تعود لتذكر العالم ببشاعة فرنسا مدعية الإنسانية ولتحفظ حق الأجيال الجزائرية الذي سيُقتص آجلا أو عاجلا من الظالم الغاشم.

زر الذهاب إلى الأعلى