
المشهد الدبلوماسي في الجزائر خلال السنتين الأخيرتين، من الواضح أنه يخطو خطوات جديدة في عهد العلاقات الدولية، ويضع حجر أساس بناء جديد في مفاهيم الثنائيات التي تربط الجزائر بمختلف عواصم العالم.
فالملاحظ بعين المراقب، لا عين المختص، سيدرك أن السنتين الأخيرتين شهدتا كثافة غير مسبوقة من حيث تبادل الزيارات الرسمية، سواء تعلق الأمر بتلك التي قادها رئيس الجمهورية إلى مجموعة من الدول الصديقة والشقيقة في صورة تونس، مصر ،قطر، الكويت وتركيا وايطاليا من جهة، أو بتلك الزيارات التي استقبلت فيها بلادنا عديد القادة و المسؤولين السامين من القوى الكبرى في العالم ، على رأسها روسيا، الصين و الولايات المتحدة الأمريكية .
في حين سجل الحضور الأفريقي نفسه بقوة أيضا من حيث تبادل الزيارات… لكن قد يتساءل الملاحظ ما سبب هذا النشاط الدبلوماسي..؟!
هنا يجب المختص بان هذا النشاطات المكثفة، تدخل في صلب الأهداف الإستراتيجية التي تضعها الجزائر اليوم في سبيل العودة إلى مكانتها الطبيعية وأداء دورها الريادي في قيادة الوساطات لمعالجة النزاعات الإقليمية والعربية وذلك بفضل مبدأ احترام سيادة الدول والدفاع عن حل الأزمات سلميا دون تدخل أجنبي والذي تنتهجه عقيدة لا مبدأ فقط.
دور تتقنه الجزائر بفضل تاريخ دبلوماسيتها المشرف الذي استطاع أن يحقق نجاحات باهرة في كثير من الملفات الدولية المعقدة التي أثبتت فيها نجاعة عملها، وبالتالي كان لابد من العودة إلى المكانة الطبيعية بدل دبلوماسية الصمت التي لا تخدم مصالحنا في ظل التحولات الدولية الحاصلة في العالم، الذي يعيد توازناته بمعطيات جديدة وبأساليب لم تعد يتناسب معها الحياد السلبي .
لكن الجزائر أمام كل هذا تضع أولويات لأوراق حقيبتها الدبلوماسية الجديدة ،على رأسها تكريس التضامن الأفريقي أفريقي والتغلغل أكثر في العمق القاري الذي ننتمي إليه، إذ نتشاركه الواقع والمصير.
عودة تأتي في وقتها المناسب، في سياق كل ما يحاك ضد قارتنا السمراء الغنية بالموارد البشرية والطبيعية والتي كانت ولا تزال مطمع الكثير من قوى الشر التي تتربص بأمننا واستقرارنا، وفي الكيان الصهيوني مثال لا أوضح منه، وهو الذي حاول عبثا بمساعدة نظام المخزن المغربي العميل اختراق، بيت الإتحاد الأفريقي لولا التحرك السريع لآلة الدبلوماسية الجزائرية وحلفائها الموثقين كجنوب أفريقيا، حيث تم منع الكيان الإرهابي من نيل عضوية مراقب داخل البيت الأفريقي.