أثيوبيا تعلن اكتمال الملء الثالث لسد النهضة في وقت أرسلت فيه مصر خطاب اعتراض ورفض إلى مجلس الأمن الدولي
أكملت إثيوبيا المرحلة الثالثة من ملء خزّان سدّ النهضة على النيل الأزرق، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء أبيي أحمد، وذلك بالرغم من احتجاجات بلدي المصبّ السودان ومصر.
ولم تعلّق لا القاهرة ولا الخرطوم على الإعلان بعد.
ومن المنتظر أن يدعم السد الاقتصادات الأفريقية بأكثر من 6000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية عند اكتماله عام 2024.
وكانت الخارجية المصرية أعلنت، في بيان، أن أديس أبابا أخطرت القاهرة ببدء الملء الثالث للسد، فيما أرسلت الأخيرة خطاب اعتراض ورفض لهذا الملء إلى مجلس الأمن الدولي.
وقال أبيي في خطاب تلفزيوني من موقع سدّ النهضة الإثيوبي الكبير في شمال غرب البلاد، الذي يعدّ الأكبر من نوعه في إفريقيا “ما ترونه خلفي هو الملء الثالث مكتملا”.
وبات مستوى المياه في الخزّان يصل إلى 600 متر، أي أكثر بـ 25 مترا مما كان عليه في ختام المرحلة الثانية من التعبئة في الفترة عينها من العام الماضي، بحسب أبيي.
وفي ردّ مبطّن على انتقادات مصر والسودان، قال رئيس الوزراء الإثيوبي إن “النيل هبة أغدقها الله علينا كي ينتفع منها الإثيوبيون”، منتقدا “الذين لا يتحمّلون المسؤوليات المنوطة بهم”.
لكنه أعاد التأكيد على أن إثيوبيا لا تنوي احتكار مياه النيل وهي ستبقى حريصة على عدم إلحاق أيّ ضرر لبلد في المصبّ.
قوانين الطبيعة
طلب كلّ من مصر والسودان مرارا وتكرارا من إثيوبيا أن توقف عمليات ملء السدّ، ريثما يتمّ التوصّل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة حول المسألة وآليات تشغيل السدّ.
ويؤكد البلدان أن السدّ الكبير الذي يعد الأضخم في إفريقيا، بطاقة معلنة تزيد عن 5000 ميغاوات وبقدرة استيعاب تقدر ب74 مليار متر مكعب، سيضر بإمداداتهما من الموارد المائية.
وفي نهاية تموز/يوليو، احتجت مصر لدى مجلس الأمن الدولي على خطط إثيوبيا لمواصلة ملء سدّ النهضة “أحاديا” خلال موسم الأمطار منذ تموز/يوليو 2020 بدون اتفاق مع الدول الثلاث المعنية بالموضوع.
وأكّد أبيي من جهته أن “النيل هبة وهبت مجّانا لثلاثة بلدان، هي إثيوبيا والسودان ومصر. وهذه الدولة تستفيد من الاستخدام المجاني لمياهه”، مؤكدا “إذا كان أيّ بلد يظن أنه ينبغي عدم استخدامها، فهو يخالف قوانين الطبيعة”.
وذكّر في تغريدة “عندما بدأنا بتشييد السدّ على النيل، قلنا إننا لا نريد الاستيلاء على النهر لكننا نريد الاستفادة من المنافع التي هي من حقّنا”.
وأردف “نأمل أن تنتفع من النهر دولتا مصر والسودان، كما إثيوبيا، كلّ على طريقته… ونحن بقينا على وعدنا بعدم إلحاق ضرر بأحد”.
تهديد “وجودي”
خلال مراسم أقيمت الخميس، أعطى أبيي الضوء الأخضر لتشغيل توربين ثان من بين 13 مقررة على سدّ النهضة الكبير الذي من المرتقب أن يضاعف كمّية الكهرباء التي تنتجها إثيوبيا.
ويتمتّع التوربينان راهنا بقدرة إنتاج إجمالية تبلغ 750 ميغاوات.
وسعى أبيي أحمد في هذه المناسبة مجددا إلى طمأنة القاهرة والخرطوم.
وأعلن “سبق أن قلنا ونكرر للدول المطلة (على النيل) خصوصا مصر والسودان إنه بانتاج الكهرباء نطور اقتصادنا ونود أن نسمح لمواطنينا الذين يعيشون في العتمة أن يروا النور”.
وقال “لا نسعى إلى تهميشهما والإضرار بهما”.
وقال مدير المشروع كيفل هورو في هذه المناسبة إن “المشروع بمجمله أنجز بنسبة 83,3 %” موضحا أن “أعمال الهندسة المدنية تم إتمامها بنسبة 95 %”.
وأوضح أن الهدف “خلال العامين ونصف العام القادمين(…)هو استكمال السدّ بالكامل وتنفيذ كل مرحلة من مراحل الملء وتركيب التوربينات المتبقية” حتى يتمكن السدّ من الإنتاج بكامل طاقته.
يقع سدّ النهضة الكبير على بعد حوالى ثلاثين كيلومترًا من الحدود السودانية على النيل الأزرق الذي يربط النيل الأبيض بالخرطوم ليشكل نهر النيل. ويبلغ طول السدّ 1,8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترًا.
أطلقت إثيوبيا المشروع عام 2011 بقيمة أربعة مليارات دولار.
قدرته على توليد الكهرباء تبلغ 5000 ميغاوات وستسمح بمضاعفة الإنتاج الحالي لإثيوبيا حيث لا يحصل سوى نصف السكان البالغ عددهم 120 مليونا على الكهرباء. وترغب إثيوبيا في نهاية المطاف في أن تصبح مصدرًا رئيسيًا للطاقة الكهربائية.
أوصت الأمم المتحدة التي تم اللجوء إليها في 2021 الدول الثلاث بمواصلة محادثاتها التي بدأت برعاية الاتحاد الإفريقي، وهي حاليا في طريق مسدود.
وتعتبر إثيوبيا السد أساسياً لتنميتها، بينما تعتبره مصر تهديداً “وجودياً” في حين حذر السودان من “مخاطر كبيرة” على حياة ملايين البشر.