خبراء المستقبل المغاربي

قراءة في معرض الإنتاج الجزائري.. عناوين عديدة للسيادة الاقتصادية

بقلم الدكتور إسحاق خرشي أستاذ جامعي وخبير اقتصادي

 

على وقع مؤشرات قوية يسجلها الاقتصاد الجزائري، تاتي الطبعة 32 لمعرض الانتاج الجزائري، و يعتبر المعرض منصة لقطاعات استراتيجية تعكس أهمية الانتاج الوطني في تعزيز السيادة الوطنية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وتعرف الطبعة 32 المعرض الإنتاج الجزائري، الذي ينظم على مدار 10 أيام من19ديسمخبر الى 28 ديسمبر تحت شعار إنتاجنا .. عماد سيادتنا .. مشاركة قياسية قوامها 603 مؤسسة عارضة، منها 84 مؤسسة مصدرة.

الصناعة العسكرية… رمز القوة و الارادة الوطنية الخالصة

يشارك الجيش الوطني الشعبي في معرض الإنتاج الجزائري بـ21 وحدة إنتاجية، تنتمي الوحدات الإنتاجية العسكرية المشاركة في المعرض، المنظم بقصر المعارض في العاصمة في الفترة ما بين 19 و28 ديسمبر الجاري، إلى كل من: قيادتي القوات الجوية والبحرية،

دائرة الاستعمال والتحضير، دائرة الإشارة ومنظومات القيادة والسيطرة، المديرية المركزية للعتاد، ومديرية الصناعات العسكرية لوزارة الدفاع الوطني.

تأتي مشاركة الوحدات الإنتاجية للجيش في المعرض إطار ديناميكية إنعاش الاقتصاد الوطني، والمشاركة في تنمية وترقية المنتوج الوطني، وبغرض التعريف بالمجهودات المبذولة من طرف وزارة الدفاع الوطني لتطوير قاعدة صناعية قوية ومستدامة.

لاطالما أبهرتنا الصناعة العسكرية في معرض الانتاج الجزائري، بما تقدمه من منتجات ذات جودة عالية و نسب ادماج مرتفعة مشكلة بذلك نموذج و قاطرة لقطاع الصناعة المدنية، و يعود سبب نجاحها الى الارادة السياسية للسيد رئيس الجمهورية و العزيمة الكبيرة للقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، و لعلى أبرز مثال على ذلك هو العمل الذي تم مؤخرا مع شريك ايطالي لتصنيع حوامات أوغيستا واست لاند، و التي يتطلب تصنيع محركها تكنولوجيا متقدمة.

فنحن نرى أن قطاع الصناعة العسكرية هو قاطرة للصناعة المدنية و أن نقل التجربة و الخبرة هي عملية مهمة لتطوير الصناعة المدنية، غير أن الأهم هو نقل العقلية التسييرية التي تتميز بها الصناعة العسكرية كالالتزام، الجدية، الانضباط، العزيمة، الارادة و روح الفريق، و أن تتخلى مؤسسات الصناعة المدنية عن التسيير بذهنيات ” عقلية البايلك” لأن الاقتصاد الجزائري يحتاج الى كل القطاعات الصناعية: العسكرية و المدنية بما فيها الخاصة و العامة.

المنتجات المستوردة سابقا… مصنعة بكفاءات جزائرية حاليا

يلاحظ المتتبع لمسار الاصلاحات الاقتصادية في الجزائر للسنوات الأخيرة، التغير الملموس في تشكيلة و عرض المنتجات المقدمة على مستوى معرض الانتاج الجزائري، فالكثير من المنتجات المستوردة سابقا، أصبحت تنتج في الجزائر و بسواعد و كفاءات جزائرية، و يرجع ذلك الى الارادة السياسية الكبيرة للسيد رئيس الجمهورية و سياسته الاقتصادية الرشيدة، و ايمانه بالإنتاج الوطني، و قد اتبعه في ذلك المستثمرين و رجال الأعمال، و التفت حوله النقابات و الأحزاب السياسية و المجتمع المدني، ما ساهم في التحسيس و التعبئة لإنجاح الرؤية الاقتصادية للجزائر الجديدة المنتصرة. و يحضر الدليل على عودة الثقة من خلال عدد المشاريع الاستثمارية المختلفة في كل القطاعات الاقتصادية و التي بلغ عدده 10000 مشروع استثماري مسجل على مستوى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، منها ما دخل حيز الاستغلال، و منها من ينتظر الدخول.

المنتج الجزائري أفضل من المنتج الأوروبي

تتميز الكثير من المنتجات الجزائرية الموجهة للسوق المحلي أو للتصدير نحو الأسواق الأجنبية بسعرها التنافسي و مستوى الجودة المرتفع، ما يجعلها مطلوبة و بكثرة من طرف المستهلكين، و هي أفضل بكثير من بعض المنتجات الأوروبية، غير أن الغريب في الأمر أن مستوى و حجم بيع المنتج الجزائري في أوروبا أقل من منتجات بعض الدول الاجنبية المنافسة على السوق الأوروبي، و يرجع السبب في ذلك من جهة الى الفوائض الانتاجية الكبيرة لهذه الدول مقارنة مع بالفوائض الإنتاجية للجزائر و منظومة التصدير المختلفة بينهما، و من جهة أخرى، أن عملية التصدير و اختراق الأسواق تجاوزت مطلب تحقيق الثنائية: السعر – الجودة، و انما تطور الأمر ليصبح يعتمد بشكل أكبر على التفاوض و الرمي بثقل الجهاز الدبلوماسي و البحث المستمر عن الشراكات التي تسمح بتصدير المنتجات من البلد الأم.

شعلة الجزائر و عنوان السيادة الاقتصادية… سوناطراك حاضرة

يشارك مجمع سوناطراك بفروعه الاستراتيجية في فعاليات الطبعة 32 المعرض الإنتاج الجزائري، و يبرز المجمع من خلال مشاركته في هذا المعرض الذي يشكل منصة رائدة لإبراز جودة الإنتاج الوطني وإمكاناته الدور الريادي الذي يلعبه في دعم النسيج الاقتصادي والصناعي الوطني، حيث يقدم جناحه عرضا شاملا يعكس تنوع وتكامل أنشطته على امتداد سلسلة قيم المحروقات بدءا من الاستكشاف والإنتاج، مرورا بالتمييع والتكرير ووصولا إلى التوزيع، كما يسلط المجمع الضوء على التزامه في مجال الابتكار التقني واستدامة عملياته بالإضافة إلى مساهمته في تعزيز المحتوى المحلي ضمن سياساته الاستراتيجية.

وتؤكد سوناطراك أيضا بصفتها قاطرة الاقتصاد الوطني، من خلال هذه المشاركة. التزامها الراسخ بتدعيم وتطوير الإنتاج الوطني ودعم السيادة الاقتصادية للجزائر. كما تعكس المشاركة رؤية الشركة في بناء اقتصاد قوي ومستدام يرتكز على تعزيز الابتكار وتوسيع قاعدة المحتوى المحلي.

توجيهات و تعليمات رئاسية للارتقاء أكثر بالمنتج الوطني و الاقتصاد الجزائري

وقف رئيس الجمهورية عن كثب، لدى إشرافه على افتتاح الطبعة 32 المعرض الإنتاج الجزائري، التقدم الكبير الذي أحرزته المؤسسات الجزائرية الإنتاجية والخدماتية في مختلف القطاعات، كما ونوعا، ما سمح بخفض الواردات ورفع الصادرات خارج المحروقات، مشددا على أن الأولوية تبقى لتلبية الطلب المحلي قبل التفكير في التصدير.

من بين الأجنحة التي وقف عندها رئيس الجمهورية، وأبدى إعجابا بما حققته المؤسسات العارضة بها، جناح وزارة الدفاع الوطني، أين اعتبر أن الصناعة العسكرية تعتبر نموذجا يحتذى به، وقاطرة للصناعة في البلاد المستوى الذي بلغته الصناعة العسكرية التي حققت نسبة إدماج قياسية. متمنيا أن تصل المؤسسات الأخرى إلى المستوى الي بلغته الصناعة العسكرية.

وأكد رئيس الجمهورية بالمناسبة، على ضرورة عدم التفريق بين المؤسسات العسكرية أو العمومية أو الخاصة، باعتبارها جميعا تنتج منتجات جزائرية. مشيرا إلى أن السياسة التي اتبعتها الدولة خلال السنوات الأخيرة في تشجيع الإنتاج المحلي، سمحت بـ «خفض فاتورة الواردات بنسبة 40%.

وبجناح شركة فيات»، أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر عازمة على تطوير صناعة السيارات بما في ذلك المناولة في قطع الغيار، لافتا إلى إمكانية بعث استثمارات من طرف متعاملين اقتصاديين تتماشى وحاجيات الشركة قصد رفع نسبة الإدماج إلى 50%

ومن أجل حماية المنتوج الجزائري، أسدى رئيس الجمهورية تعليمات بالشروع في تقليص تدريجي من استيراد لوحات الفرامل ابتداء من سنة 2025، بعد أن وقف على نجاح شركة جزائرية خاصة في تغطية السوق الوطنية وتلبية حاجيات العديد من المؤسسات والهيئات العمومية في هذا المجال.

وعلى مستوى جناح الشركة الجزائرية لصناعة الحديد، شدد رئيس الجمهورية على أن يتماشى الإنتاج مع حاجيات السوق الوطنية وعدم التفكير في التصدير فقط، لاسيما بعد تسجيل 11 ألف مشروع على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وهي المشاريع التي تحتاج إلى هياكل معدنية لتجسيدها. وبخصوص صناعة المعدات الفلاحية، دعا رئيس الجمهورية الشركة الوطنية للعتاد الفلاحي والصيد، إلى المساهمة في تنظيم سوق الجرارات المستعملة، مع العمل على زيادة إنتاج الجرارات محليا.

وعلى مستوى مجمع سوناريم، أمر رئيس الجمهورية بضرورة أن تتقدم المشاريع الجاري إنجازها في قطاع المناجم بالموازاة مع تقدم مشاريع السكك الحديدية والرصيف المنجمي بميناء عنابة.

وفيما يتعلق بمشاريع المحطات الخمس لتحلية مياه البحر الجاري إنجازها، أمر رئيس الجمهورية بالشروع تدريجيا في توزيع المياه انطلاقا من هذه المحطات قبل رمضان 2025.

أما بخصوص الشركات الناشئة، فقد أشار السيد الرئيس أنها مستقبل البلاد، و أننا وصلنا إلى 9000 مؤسسة ناشئة، والتزم بالوصول إلى 20 ألف مؤسسة، فالجزائري مبدع ويفرض نفسه أينما ذهب. ودعا رئيس الجمهورية الشركات الجزائرية الكبرى إلى دعم المؤسسات الناشئة من خلال تمويل مشاريعهم وبحوثهم، مذكرا بأن المعرفة تعد الاستثمار الحقيقي. وبخصوص الإنتاج الصيدلاني، أبرز رئيس الجمهورية أهمية عودة مؤسسة صيدال إلى لعب دورها في توفير حصة أكبر من الأدوية في السوق دون الإضرار بالخواص، مشددا على ضرورة وصف الأطباء أدوية متوفرة في السوق الوطنية.

ولدى وقوفه على جناح مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة دخول الشباك الوحيد الحقيقي حيز الخدمة قبل نهاية جانفي 2025، من أجل تسهيل المهمة للمستثمرين.

وأظهر عرض قدمه وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، الطيب زيتوني، الرئيس الجمهورية، قبيل تدشين المعرض، أن الجزائر تحصي حاليا أكثر من 1,65 مليون مؤسسة إنتاجية وخدماتية مقيدة في السجل التجاري فيما تم إحصاء 186725 متعاملا اقتصاديا ينشطون عبر الوطن، منهم أزيد من 1800 مصدر دائم.

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى