الحدث

الطوفان يضع الكيان الصهيوني على حافة الهاوية

الكاتب الصحفي: عبد الحكيم أسابع

حلول الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى نشاهد قطاع غزة، كيف تحول تحت آلة التدمير الصهيونية وحرب الإبادة غير المسبوقة إلى منطقة غير قابلة للحياة، أو حتى التعرف عليها، لقد تحولت المدن والشوارع والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات في كامل القطاع إلى أنقاض أمام عيون العالم وأبصاره.
 فهذه أول حرب إبادة في التاريخ تلتقطها عدسات الكاميرا والفيديو بكل تفاصيلها ومآسيها. لقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 42000 وعدد المصابين نحو 95000 شخص يواجه عدد كبير منهم إصابات دائمة، وعدد المدفونين تحت الأنقاض نحو 15000.
وفي الوقت الذي لم يبق من المحتجزين إلا 97 من أصل 251 يزيد عدد الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين والمحتجزين عن 11000 فيما تمددت المواجهات من غزة إلى الضفة الغربية إلى جنوب لبنان ثم كل لبنان واليمن والعراق وإيران.
والحاصل أنه رغم الآلام والمواجع ومع أصاب أشقائنا الفلسطينيين في غزة والحصيلة الثقيلة للأرواح، و الممتلكات التي أتلفت، ومع كل هذه المآسي، قد حققت المقاومة الكثير من المنجزات السياسية.
نجحت كتائب القسام في إحداث طفرة هائلة في الجهد الاستخباراتي والأمني والعسكري، ففي كل المواجهات السابقة، اقتصر عمل المقاومة على دفع ومواجهة الهجمات الصهيونية، والعمل على تقليل ما تخلفه من خسائر بشرية ومادية.
أما في السابع من أكتوبر فقد خطا المقاوم الفلسطيني خطوة هائلة صوب امتلاك زمام المبادرة، وتحديد ساعة الصفر، والقدرة على تنفيذ عمليات، في أكبر هجوم تشنه المقاومة الفلسطينية ضد القوات الصهيونية على طول خط التماس، إذ أنه خلال فترة وجيزة تمكنت المقاومة من إطلاق قرابة 5 آلاف صاروخ وقذيفة.
لذا فإن هذا التطور الكبير في العمل المقاوم، الذي خلفه “طوفان الأقصى”، يؤشر إلى مراحل أكثر تطورا في نهج وأداء المقاومة، وهذا ما يدركه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، لذا يصر على رفض وقف إطلاق النار “قبل القضاء على المقاومة” رغم أنه متيقن أنه لن يستطيع ذلك.
لقد هز “طوفان الأقصى” وبشدة فكرة أن الأراضي الفلسطينية تظل “وطنا آمنا” لليهود حول العالم، حيث انخفض معدل الهجرة إليها، وارتفعت نسب الهجرة العكسية، والتي وصلت حتى جوان الماضي إلى نحو 500 ألف شخص غادروا البلاد منذ السابع من أكتوبر.
وعلى المستوى الدبلوماسي، اعترفت دول أوروبية، مثل: أيرلندا، وإسبانيا، والنرويج، بدولة فلسطين، فيما أعلنت كولومبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الاحتلال الاسرائيلي.
وفي الأمم المتحدة وافقت الجمعية العامة في ماي بأغلبية ساحقة على دعم المساعي الفلسطينية لتصبح دولة كاملة العضوية في المنظمة الأممية.
كل هذه التطورات التي صبّت في صالح القضية الفلسطينية، لم تكن لترى النور لولا “طوفان الأقصى”، الذي أعاد التذكير بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ضد الاحتلال، باعتباره حقًا أصيلا أقرته المواثيق الدولية.
لقد بدت آثار عملية طوفان الأقصى تظهر على الكيان الصهيوني قبل أن تضع الحرب أوزارها حيث شهدت دولة الاحتلال خلال العام المنصرم سلسة من الأزمات السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
وفي هذا الصدد يرى حاييم رامون وزير القضاء السابق وأحد أبرز أعضاء حزب العمل المعارض، أن الكيان الصهيوني ليس على “بعد خطوة واحدة من النصر، بل على بعد خطوة واحدة من الهزيمة الإستراتيجية”.
فالاحتلال الصهيوني يخوض أطول حرب في تاريخه، ولم يستطع حسم المعركة بالوقت الذي أرداه، ولم يحقق أيا من أهدافه فيها.
قد دفع ذلك المحلل السياسي الصهيوني رفيف دروكر، للقول في صحيفة هآرتس “لقد قصفنا، وقتلنا، ودمرنا، ومسحنا، واعتقلنا، واستعملنا كل قوتنا، فضلا عن الجسر الجوي الأميركي. وعلى الرغم من ذلك، فإن وضعنا الأمني أصعب من أي وقت مضى”، سيما وأنه بعد طوفان الأقصى زادت الانتقادات للجيش الصهيوني وتلاشت هالة القداسة عنه وعن تصرفاته وأصبح أقل احتراما لدى المجتمع، ويعكس حجم الاستقالات في صفوف قياداته، حجم الضياع الذي يمر به الجيش الاحتلال.
وتعد تصريحات زعيم المعارضة في دولة الكيان
الصهيوني ورئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد مؤشرا على ما يتعرض له الجيش الصهيوني منذ بدء معركة طوفان الأقصى، حيث ذكر أن الجيش خسر “12 كتيبة، وأكثر من 700 قتيل ونحو 10 آلاف جريح”.
و تظهر تصريحات هذا الأخير أن “حرب السابع من أكتوبر كشفت حقيقة أن هذا الجيش يعاني من الكثير من الضعف” سيما وأن المحللين والخبراء الاستراتيجيين يجمعون على أن جيش الاحتلال يعتمد اعتمادا كليا على الولايات المتحدة الأميركية، مما أفقده الهالة التي كان يتمتع بها أمام الصهاينة.

زر الذهاب إلى الأعلى