الحدث

تحية من جبال الأوراس إلى المسجد الأقصى.. في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى

الأستاذ  عبد الحميد هيمة ـ جامعة ورقلة / الجزائر

أريد في البداية أن أحيي المقاومة الفلسطينية التي استطاعت بفضل تضحيات شبابها أن تجعل الأمة تسترجع عزتها وشرفها وكرامتها، تحية وألف تحية لأبطال المقاومة الذين نفخر ونعتز ببطولاتهم في مواجهة المحتل، أحيي المقاومة الفلسطينية التي أسقطت أسطورة ” جيش الاحتلال الذي لا يقهر “.. و أكدت أن كيانات الاحتلال في طريقها إلى الزوال بفضل ضربات المقاومة الباسلة، ونحن في الجزائر نشعر بالفخر والاعتزاز بما حققته المقاومة من نصر بطولي ، هذه المقاومة التي لا تدافع عن فلسطين فقط، بل هي تدافع عن كرامة وعزة الأمة، وتدافع عن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولذلك فمن واجب كل الأحرار في العالم أن يقفوا إلى جانب الحق الفلسطيني، وأن يدعموا المقاومة الفلسطينية، ويرفضوا حرب الإبادة التي تشن على أهلنا في فلسطين، أحيي المقاومة الفلسطينية، التي حققت نصرا تاريخيا على الكيان الصهيوني في طوفان الأقصى، لأننا في الجزائر شعب مقاوم، وشعب ثائر، الثورة شيء متأصل في وجدان كل جزائري، والشعب الجزائري – كما نعلم – لم يسترجع استقلاله، بالسياسة أو بالمفاوضات، وإنما بالثورة والمقاومة، و بالدم والتضحيات ..

وتشاء الأقدار أن تأتي رياح الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى، وقد توسعت هذه المقاومة، فإذا هي طوفان حقيقي وحد كل الأمة، ووحد تيار المقاومة من اليمن إلى العراق ضد الكيان، تحت عنوان (وحدة الساحات)، بعد سنة من المواجهة والصمود استطاعت هذه المقاومة الباسلة تحقيق الكثير من الإنجازات في مسار صراعنا مع هذا الكيان الغاصب:

ولعل أهم هذه الإنجازات هذا الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية على إمكاناتها المحدودة، ونحن اليوم نقف بكل فخر وشموخ بهذه المقاومة الباسلة، التي غيرت الصورة النمطية للجيش الصهيوني والرجل الأبيض المتفوق الذي لا يغلب هذه الصورة تحطمت وانهارت أمام ضربات المقاومة، كما غيرت أيضا الصورة النمطية للإنسان العربي، الذي يأكل على رأسه ويذبح و لا يستطيع أن يفعل شيئا، هذه الصورة تحطمت و إلى الأبد..

ولعل الجديد أيضا الذي تمخض عن هذا الطوفان، التغيير الكبير في الرأي العام الدولي خاصة في أمريكا والعالم الغربي، حيث رأينا على طول السنة خروج المسيرات الحاشدة المدعمة للمقاومة، في أغلب العواصم الغربية احتجاجا على العدوان الصهيوني، فضلا عن المظاهرات في بعض عواصم الدول الإسلامية والعربية، ومن أغرب ما سمعت منذ أيام من مواطن أمريكي يقول: ” شكرا يا غزة، لقد حررت الولايات المتحدة وأنرت العالم، شكرا يا غزاويون استمروا حتى تحرروا أرضكم، ولا ترضوا بأقل من البحر إلى النهر، أنتم يا أهل غزة جديرون بحكم العالم وليس هم، وأنا أقول شكر يا غزة لأنك حررت العقل العربي من وهن التطبيع، وذل الانقياد والخنوع،

وحد طوفان الأقصى كل الشعوب العربية ضد الاحتلال، وأعاد القضية الفلسطينية للواجهة، والأكثر من هذا أنه نسف مشروع التطبيع إلى الأبد، ووحد المقاومة بجميع طوائفها ضد الكيان المحتل، ( فلسطين، اليمن، لبنان، العراق، سوريا )، ونبه الأمة من خطورة الوقوع في فخ الصراع السني الشيعي، وهو آخر اختراعات الاستراتيجية الصهيونية الغربية لضرب وحدة الأمة الإسلامية.

وهكذا فإن المقاومة الفلسطينية اليوم تعيد رسم المشهد استراتيجي العسكري والسياسي، للدفاع عن القدس وتحرير فلسطين وهي بذلك تحقق المعجزة، لأن الفلسطينيين لم يستسلموا للعدو، رغم القصف الرهيب، فهم يصرون على البقاء في غزة، والصمود، حتى لا تتكرر صورة التهجير في 48، وفي 67، الشعب الفلسطيني في غزة صامد، خاصة وأنه لم يعد لوحده، لأن معه تيار المقاومة، وخاصة المقاومة اللبنانية، وكل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.

واسمعوا للممثل الأمريكي والنجم العالمي (ميل جيبسون) حيث صرح منذ أيام في تغريدة له عن الصهاينة: ” سيزولون قريبا لذلك يدمرون كل شيء في طريقهم “، وما أشبه اليوم بالأمس، فعندما أدركت فرنسا أنها ستخرج لا محالة من الجزائر، أسست المنظمة السرية اليد الحمراء التي بدأت تقتل و تدمر وتحرق حتى لا تترك شيئا للجزائريين بعد الاستقلال، واليوم يكرر التاريخ نفسه، ولكن هيهات لأن تيار المقاومة تمكن في هذه المعركة المستمرة، من كسر كل قواعد الاشتباك، واستطاع أن ينتصر على الغطرسة الإسرائيلية، استطاعت تجاوز وتخطي كل مستويات الردع التي حاولت الدعاية الصهيونية ترسيخها خلال السنوات الماضية مع جبهة المقاومة، حيث تأكد مجددا في هذه الحرب قدرة تيار المقاومة على الردع والانتصار على الصهاينة، وستنتصر إرادة المقاومة على همجية الاحتلال الصهيوني، المدعوم أمريكيا ومن الدول الغربية، كما انتصرت الجزائر على الاحتلال الفرنسي المدعوم من الحلف الأطلسي..

زر الذهاب إلى الأعلى