الافتتاحية

طوفان الأقصى.. عملية أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وأوقفت مخطط التطبيع

إفتتاحية اليوم..

 

شكلت عملية “طوفان الأقصى” نقطة تحول جوهرية في مسار القضية الفلسطينية، إذ لم تكن مجرد عملية عسكرية مقاومة، بل تعدت ذلك لتصبح عنوانًا لمحاولة تصحيح ميزان القوى في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. في ظل ما شهدته القضية الفلسطينية من تراجع على المستوى الدولي وتنامي موجة التطبيع العربي مع الاحتلال الصهيوني، اذ أعادت العملية القضية إلى واجهة المشهد العالمي، وجعلت من فلسطين مجددًا محورًا للنقاشات السياسية والدبلوماسية في المحافل الدولية. فهي لم تكن حادثًا عابرًا، بل كسرت الجمود الذي خيم على الأوضاع وأكدت أن فلسطين لا تزال قلب الصراع في الشرق الأوسط.

على الصعيد الإقليمي، جاءت عملية “طوفان الأقصى” في وقت حساس كانت فيه كيانات الإحتلال تحاول تحقيق اختراقات سياسية عبر موجة التطبيع مع الدول العربية. لكنها شكلت صدمة لهذه المساعي، حيث دفعت العديد من الأطراف إلى إعادة تقييم مواقفها. وهنا تزايدت الأصوات الشعبية المعارضة للتطبيع، وبدأت بعض الدول العربية تعيد النظر في علاقاتها مع الاحتلال، في ظل استمرار العدوان على غزة. بالتالي أعادت العملية التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كقضية شعبية لا يمكن تجاهلها، وأظهرت أن أي تطبيع لا يمكن أن يصمد في وجه إرادة الشعوب التي ما زالت تدعم حقوق الفلسطينيين.

من ناحية أخرى، جاءت العملية لتكشف هشاشة المخطط الصهيوني الذي استهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال تقويض المقاومة وتهميش حقوق الشعب الفلسطيني. إذ أثبت “طوفان الأقصى” أن المقاومة لم تفقد بريقها، بل لا تزال قوة قادرة على قلب المعادلات الميدانية والسياسية. وأظهرت العملية أن محاولة الاحتلال فرض حلول أحادية الجانب، سواء من خلال توسيع المستوطنات أو خنق غزة، لا يمكن أن تمر دون رد، وأن المشروع الصهيوني لم ينجح في تصفية القضية كما خططت له الحكومات الصهيونية المتعاقبة.

عالميًا، أعاد “طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية بعد أن كانت قد تراجعت بفعل أزمات أخرى في الشرق الأوسط والعالم. فوجدت القوى الكبرى نفسها مضطرة للتعاطي مع تداعيات العملية، ما أتاح للفلسطينيين فرصة جديدة لكسر عزلة دبلوماسية فرضتها موجة التطبيع. كما أن المشاهد التي رافقت العملية، والانتهاكات الإسرائيلية التي تبعتها، أسهمت في إعادة توجيه أنظار المجتمع الدولي إلى حقيقة المعاناة الفلسطينية تحت الاحتلال.

ختامًا، لا يمكن إغفال الأثر البعيد الذي ستتركه عملية “طوفان الأقصى” على مسار الصراع العربي ـ الصهيوني. فقد جاءت في لحظة حرجة لتعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتؤكد أن أي تسوية سياسية في المنطقة لن تكون ممكنة دون حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني. كما أنها أوقفت مسار التطبيع الذي كان يراد له أن يصبح حقيقة ثابتة، وأظهرت أن المقاومة تظل جزءًا لا يتجزأ من المعادلة السياسية في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى