حوارات

طوفان الأقصى يسجل “عام من البطولة والفداء”

يوسف حمدان ممثل حركة حماس في الجزائر " للـمستقبل المغاربي"

يوسف حمدان ممثل حركة حماس في الجزائر ” للـمستقبل المغاربي”

الحاضنة الشعبيّة قدمت نموذج اسطوري في الصمود والفداء

الطوفان ساهم في تهشيم السردية الصهيونية المبنية على أضاليل وأكاذيب روجّها على مدار سنين

المقاومة تدافع عن “المقدسات، الأرض والإنسان”

خلال زيارة قام بها الى “مقر يومية المستقبل المغاربي”، أبرز يوسف حمدان ممثل حركة حماس في الجزائر، التقدير لجهود الجزائر في المحافل الدولية لوقف العدوان على غزة، داعياً الدول المطبعة مع الاحتلال التراجع عن هذا المسار المهدد للأمن القومي العربي والإسلامي، قائلا في حوار خص به “المستقبل المغاربي”. أنه مؤلم للغاية أن نرى استمرار التطبيع رغم استمرار العدان، نحن نعتبر بقاء هذه العلاقات مع الكيان الصهيوني هو نزيف دائم يجب إيقافه”.

حاورته: عائشة قحام

 

 سؤال: قوات الاحتلال تستهدف مناطق هامة على غرار المدارس والمستشفيات، و الاماكن الأثرية، بهدف القضاء على التاريخ والهوية، كيف ترون ذلك؟.

 الدكتور يوسف حمدان: نحن نواصل صمودنا ونعتقد أن الاحتلال يٌنكل بشعبنا وينتقم منه، لا يوجد أي معنى لاستهداف خيام النازحين بقنابل معدة للتحصينات  سوى معاقبة شعبنا الذي يلتف خلف المقاومة وبالتالي هو ينتقم من النساء والأطفال والمدنيين لعجزه عن مواجهة المقاومة أو تحقيق أي إنجازات عسكرية في الميدان، يبيع الجيش للمجتمع الصهيوني وَهم الإنجاز من خلال استهداف هؤلاء المدنيين، وارتكاب مجازر ضد الانسانية واستهداف للخيام والنازحين في المدارس و الطرقات والمستشفيات، فضلاً عن الحصار المطبق للقطاع طوال عام في هذه المعركة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية والكهرباء والوقود لجعل الحياة في غزة غير قابلة للاستمرار.
الاحتلال ايضا ينتقم من الشعب الفلسطيني ويحارب الهويّة الفلسطينية من خلال استهداف  الآثار التاريخية في قطاع غزة ليحاول ان يقتلع هذا التجذر الفلسطيني على أرضه ، الشعب الفلسطيني واعٍ بكل هذه المخططات ومتشبث بأرضه وهو ينوب الأمة اليوم للدفاع عن المقدسات.
ومن الجيد أن نتذكر أننا عندما خضنا هذه المعركة في الـسابع أكتوبر 2023 أسميناها طوفان الاقصى لأننا ندافع عن “مقدسات المسلمين” عن “أخت مكة والمدينة” عن “أولى القبلتين” وسنبقى ندافع عن هذه المقدسات نيابة عن الأمة ولكن هذه النيابة لا تُـعْفى أحداً من مسؤوليته اتجاه هذه المعركة، يقع على عاتقنا نحن الصمود والبطولة والفداء ومواجهة الاحتلال والتصدي لجرائمه، ويقع على أمتنا واجب الإسناد والدعم والتأييد وإرسال رسائل التضامن خصوصاً بعد مرور عام من الصمود والبطولة في معركة طوفان الاقصى.

 

 

 سؤال2: هل تعتقد أن  صمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يأتي نتيجة الحاضنة الشعبية و دعمها المستمر؟

 

 الدكتور يوسف حمدان: لا شك أن الحاضنة الشعبية قدمت خلال عام من البطولة نموذج أسطوري في الصمود والفداء، وما تحمّله شعبنا الفلسطيني في غزة لا يمكن أن يتخيله بشر، لأن العدو الصهيوني يرتكب جرائم مركَّبة في حق الشعب الفلسطيني.

عندما تدافع المقاومة عن المقدسات فهي تدافع عن الأرض والعرض، وعن شعبنا الفلسطيني، ولولا وجود هذه المقاومة اليوم لقام الاحتلال الصهيوني بإبادة شعبنا بشكل كامل، وواصل مشروعه الاستيطاني والاحتلالي في المنطقة، وبالتالي هذا الشعب رفض كل رفض كل مشاريع التهجير وصمود في وجه الاستهدافات المباشرة بالتقتيل أو التجويع أو بالحصار، فضلاً تداعيات ذلك من أمراض وظروف صحية وظروف إنسانية قاسية، ونحن على أبواب فصل الشتاء وشعبنا في خيام لا تقي من البرد أو المطر،  كل هذا الصمود يعني انتصار لقضيتنا الفلسطينية وإسناد لمقاومتنا الباسلة التي تدافع عن شعبنا ومقدساتنا وأرضنا.

سؤال3:  الآلة الصهيونية تواصل سياسة التعتيم الإعلامي من خلال اغتيال الصحفيين واستهداف المباني الاعلامية؟, واخر مستجد إغلاق مكتب الجزيرة في رام الله؟ كيف ترون تأثير ذلك على المعركة.

 

 الدكتور يوسف حمدان: واحدة من أهم إنجازات طوفان الاقصى هو تهشيم السردية الصهيونية المبنية على أضاليل وأكاذيب روجّها على مدار سنين منذ عام 1948، واستطاعت هذه المعركة بجهود الإعلاميين الفلسطينيين والإعلاميين الأحرار حول العالم ومنهم الاعلام الجزائري الذي انخرط في هذه المعركة جنبا الى جنب مع الاعلام الفلسطيني لفضح جرائم الاحتلال وأيضا لتأكيد صورة بطولة المقاومة والصمود التي يحاول الاحتلال تغييبها ومحاربتها وعزلها.

حينما يعجز الاحتلال عن إخفاء جرائمه يعمد إلى استهداف الصحفيين ،رأينا ذلك من خلال الاستهداف المباشر للطواقم الصحفية، ولعائلاتهم وتدمير المعدات الصحفية والمقرات، ومؤخرا كان منع الجزيرة من التغطية في الضفة الغربية بقرار من الجيش، رغم أن الاحتلال وجيشه لا يمتلك الصفة القانونية لاتخاذ هذا القرار، هذه مؤسسات صحفية أخذت ترخيصها من المؤسسات الفلسطينية وليس من الاحتلال لكن هذا يعني سياسيا أن الاحتلال يتجاهل ويتجاوز وجود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، من خلال تطبيق أوامر عسكرية على مؤسسات فلسطينية وعلى وجه الخصوص مؤسسات  إعلامية بعد أن كان قد منع قناة الجزيرة من التغطية في داخل أراضينا المحتلة، هذا السلوك يعكس قلق الاحتلال من فضح جرائمه إعلامياً، وهو يسعى لإخفاء وتغييب صورة الصمود في الضفة الغربية، وهو مستمر في استهداف الصحفيين الفلسطينيين ونعتقد أن هذا يوجب على الصحفيين الأحرار حول العالم وكذلك الإعلام الجزائري تكثيف التغطية الاعلامية لإظهار البطولة والفداء ولإظهار المعاناة الانسانية التى تنتج عن جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني.
ونؤكد أن كل محاولات تغييب الصورة لن تنجح وستستمر التغطية لفضح جرائم الاحتلال وإظهار صورة المقاومة الباسلة التي تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وطرده وإقامة دولتنا على كامل تراب فلسطين.

 

 

سؤال5: كيف تقيم مُتابعة الإعلام الجزائري وتغطياته لتطورات القضية الفلسطينية، خصوصا في فترة العدوان الاخيرة؟.

 

 الدكتور يوسف حمدان: نحن نعتقد أن الاعلام الجزائري يخوض معنا معركة إعلامية في الدفاع عن السردية الفلسطينية وعن الحق الفلسطيني، الاعلام الجزائري يتعامل مع القضية الفلسطينية على انها قضية شأن جزائري، وهي  قضية وطنية بإمتياز ويدافع عنها وعن حق الشعب الفلسطيني  في غزة والضفة والقدس، ويرى ما يجري أنعكاساً لصورة البطولة في الثورة الجزائرية، وبطولات أجداده وتاريخ الجزائر الثوري الطويل في دفع الثمن على طريق التحرير، ونحن أيضا نستلهم من بطولات الشعب الجزائري وتاريخه معاني الصمود والفداء ، وإن كان الثمن الذي ندفعه ثمينا كبيراً وغاليا فإننا على يقين أن هذا هو المهر الذي يقدم عن طريق الحرية وكما تحرر الشعب الجزائري سيتحرر الشعب الفلسطيني.

اليوم مطلوب من الاعلام الجزائري تكثيف الاهتمام بالقضية الفلسطينية وأنا أقول “مطلوب” في إطار العَشم وفي إطار قناعاتنا بأصالة الشعب الجزائري، وارتباط هذا الشعب الجزائري العميق بهذه القضية الفلسطينية، وبالتالي هناك موقف رسمي، شعبي  وحزبي مؤيد ومتضامن مع القضية الفلسطينية وشريك أيضا في نضالنا، والمعركة الإعلامية بتقديرنا، لا تقل اهمية عن باقي المعارك العسكرية، و السياسية و الإنسانية، ونتطلع الى أكبر حملة إعلامية وزخم إعلامي كبير خصوصا مع ذكرى عام من الصمود والبطولة في معركة طوفان الاقصى، نحتاج إلى صوت الجزائر، الصوت الذي يعبر عن قضيتنا بنفس ثوري، يستمد هذا النفس من تاريخه ومن تجربته ومن الموقف الرسمي الداعم، والشعبي المتضامن والمتفاعل الذي يؤمن أن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.

 

سؤال4: في ظل ما يحدث من جرائم ضد الفلسطينيين ومقاومته، كيف تنظرون إلى الدول المُطبّعة والمسارات التي تتخذها من تطورات القضية ؟.

 

الدكتور يوسف حمدان: نحن ندعو الدول التي تورطت في التطبيع إلى التراجع عن هذا المسار المضر بمصالحها الوطنية والمضر بالقضية الفلسطينية وبالأمن القومي العربي والإسلامي، العدو الصهيوني يقتلنا بأبشع الأساليب على مدار العام، يقتل اطفالا ونساء ومدنيين ويرتكب كل هذه المجازر ضد الانسانية وتبقى هذه الدول تقييم علاقات طبيعية مع هذا الكيان المارق، هذا مؤلم جداً لنا ومؤسف أن تبقى هذه العلاقات مع الكيان الصهيوني كنزيف دائم الشعوب بعمومها رافضة لمسار التطبيع الذي يعطي للاحتلال شرعنة لجرائمه وغطاء للمجازر التي ترتكب باسم هذه العلاقات التطبيعية بين بعض الدول العربية التي تورطت في هذا المسار.

نحن نعتقد أن أكبر دعم تقدمه لنا الدول المطبعة هي إيقاف هذه العلاقات والتراجع عن هذا المسار التطبيعي ودعم شعبنا الفلسطيني دعماً مباشرا، فكرة دعمنا باليمين ودعم الاحتلال باليسار ، فكرة مؤذية وغير طبيعية، الطبيعي هو ان تكون العلاقة مع الكيان علاقة عداء والعلاقة معن الشعب الفلسطيني علاقة أخوة ووحدة مصير. نحن نرى الدول الغربية تتضامن مع الشعب الفلسطيني وتعترف به وتقطع علاقاتها مع الاحتلال سواء العلاقات التجارية أو السياسية بينما تحافظ بعض الدول العربية على علاقة مع الكيان تنخر في الجسد الفلسطيني وتضرب خاصرة الشعب الفلسطيني وتألمه.

 

سؤال5: كيف تُتابع دور الجزائر داخل مجلس الأمن ومواقفها لصالح الشعب الفلسطيني من خلال تطورات الوضع؟.

 

 الدكتور يوسف حمدان: نحن نعتقد أن الدبلوماسية النضالية التي تخوضها الجزائر في المنتظم الدولي سواء في مجلس الأمن أو غيره هو مسار حيوي وهام في سياق كشف وفضح الاحتلال سواء كان على مستوي السردية أو على مستوى الجرائم التي يعتقد الاحتلال أنه يمكن أن ارتكابها ثم يتفصى من العقاب ويتهرب من مسؤوليته القانونية عن هذه الجرائم.

الاحتلال يرتكب جرائم موصوفة بالقانون الإنساني والقانون الدولي، مستفيداً من الغطاء الأمريكي، والجزائر اليوم ومن خلال وجودها في مجلس الأمن تقوم بدور دبلوماسي نضال للدفاع عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وتحاصر الاحتلال في المحافل الدولية، وتُعزز السردية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ونيل الحقوق، ورأينا تأثير ذلك في اتساع دائرة الدول التي تعترف بالحق الفلسطيني،  وبوجود الاحتلال لأول مرة في تاريخه المشؤوم في موضع المُتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم دولية، وبالتالي نحن نعتبر ما تقوم به الجزائر دوراً حيوياً مهماً ويجب أن يستمر ويتواصل الى جانب الأدوار المهمة الأخرى وهنا أتحدث عن الأدوار الإنسانية والشعبية.

 

سؤال6: السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كان حريصا على لم شمل الشعب الفلسطيني من خلال إشرافه على المصالحة الفلسطينية هنا بالحزائر ، ألا تعتقد أن الوقت الراهن يستدعي التعجيل بهذا المسعى؟.

 

الدكتور يوسف حمدان:  نحن مع كل الجهود التي يمكن أن تجمع الشمل السياسي الفلسطيني على خيار المقاومة، يجب أن نستحضر أن الاحتلال الصهيوني لم يبقى أمام  الفلسطيني خياراً آخر سوى أن نلتف جميعا خلف المقاومة ونواجه  الاحتلال مجتمعين، ونحن نرحب بكل الجهود التي يمكن أن تقدمنا أكثر في هذا الاتجاه نرحب على وجه الخصوص بكل الجهود الجزائرية الرامية لاستكمال هذا المسار، وقد أبْدينا مرونة كبيرة تعرفها الدولة الجزائرية من أجل تحقيق للمصالحة الفلسطينية على المستوى السياسي الرسمي، ولكن انا أقول أننا كشعب فلسطيني موحد خلف خيار المقاومة وأن فصائل المقاومة اليوم تدير هذه العمليات بوحدة ميدانية  يجتمع فيها كل فصائل المقاومة جنباً الى جنب لمواجهة الاحتلال.

أما الوحدة في مستواها السياسي، فقد آن الأوان أن يلتف الجميع خلف خيار المقاومة ونحن ندعو الى مواصلة كل الجهود في هذا الاتجاه، ولذلك نحرص على تلبية كل دعوة لأي فرصة يمكن أن تؤدي الى توحيد الموقف الفلسطيني، فذهابنا الى الصين وروسيا يأتي في هذا السياق وضمن هذه القناعة، ومستعدون أن نذهب الى كل مكان نُدعى فيه الى جولة من جولات الحوار عَلّنا نستطيع أن نصل الى وحدة وطنية على خيار المقاومة، فالاحتلال يستهدفنا جميعا ولا يستثنى أحداً ويستهدف الشعب الفلسطيني وانهى حل الدولتين عملياً، وابتلع الأرض ويستهدف مقدساتنا ويستهدف شعبنا في الضفة الغربية ويعمد على إنهاء وتصفية القضية، لذلك يجب أن نذهب موحدين لمواجهة الاحتلال ونحن في حركة حماس مستعدون لتنفيذ ورقة إعلان الجزائر والذهاب فوراً الى أي إجراء يمكن أن يقربنا من وحدة الموقف الفلسطيني على قاعدة المقاومة ومواجهة الاحتلال وأن نتوافق على رؤية استراتيجية وطنية جامعة تتضمن كل أشكال النضال الوطني وعلى رأسها المقاومة المسلحة، ونتحمل جميعاً مسؤولية توحيد المؤسسات الفلسطينية وإعادة ترميم ما دمره الاحتلال ومواصلة نضالنا حتى تحرير كامل أرضنا.

زر الذهاب إلى الأعلى