هذه هي معالم الخطــــــــاب الإقتصــــادي لرئاسيــــــــــــــــــــــات 07 سبتمبــــر المقبـــل
بقلم : الدكتور اسحق خرشي ـ استاذ جامعي و خبير اقتصادي

هذه هي معالم الخطــــــــاب الإقتصــــادي لرئاسيــــــــــــــــــــــات 07 سبتمبــــر المقبـــل
بقلم : الدكتور اسحق خرشي ـ استاذ جامعي و خبير اقتصادي
بعد 10 أيام من إنطلاق الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاث، كل من المترشح الحر عبد المجيد تبون و مترشح جبهة القوى الإشتراكية يوسف أوشيش و المترشح عن حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، إتضحت برامج المترشحين و قد ركزت بشكل كبير على الشق الإقتصادي بإعتبار أن المواطن يولي أهمية كبيرة له و بالنظر أيضا إلى أثره في جذب الأصوات. و قد إختلفت برامج المترشحين من حيث الشكل و المحتوى لكن إتفقوا جميعا على رفع القدرة الشرائية للمواطن و تطوير إقتصاد البلاد.
برنامج رؤيـــــــــــة للمترشــــــــح عن جبهـــــة القـــــــوى الإشتراكيــــــــة أوشيــــــــش
يلاحظ المستمع إلى خطاب المترشح عن جبهة القوى الاشتراكية أوشيش أن برنامجه و في شقه الاقتصادي جميل من حيث الشكل و المحتوى، بحيث عرض بعض النقاط التي قد تقنع المواطن بالنظر إلى إرتباطها بالمستوى المعيشي و رفع القدرة الشرائية للمواطن، لكن سرعان ما يدرك المستمع إلى أن هذا البرنامج يبقى جميل على الأوراق فقط، أما على الواقع فهو صعب التطبيق و أحيانا يستحيل العمل به ميدانيا و ذلك راجع للعديد من الأسباب.
فإلتزام المترشح أوشيش برفع الأجر الوطني الأدنى إلى 40000 دج و خدمة الحماية الاجتماعية بمقدار 50% من الأجر الوطني الأدنى المضمون غير ممكن عمليا بالنظر إلى عدم قدرة الخزينة العمومية على تحمل ضغط بهذا القدر، و من جهة أخرى قد يؤدي هذا إلى تشجيع الإستهلاك بشكل كبير دون زيادة في الإنتاج، ما يؤدي مباشرة إلى رفع الأسعار و هو عكس ما يهدف إليه تماما في خطابه.
كما إلتزم أوشيش برفع ميزانية وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي بمقدار 50% في حين الإتجاه الحالي الموجود و الأكثر فعالية في رفع أداء قطاعي التربية و التعليم العالي هو ترشيد النفقات، إضافة إلى التوجه التدريجي للجامعات نحو تمويل نفسها بنفسها بإعتبار أن الجامعات الجزائرية قد قطعت أشواطا كبيرة في الانتقال من الجامعة الكلاسيكية نحو الجامعة الريادية التي توفر لنفسها بعض الايرادات.
برنامــــــــج فرصة للمترشرح عن حركة مجتمــــــــع السلــــــــم حســــــــاني
ما طرحه المترشح عن حركة مجتمع السلم حساني بخصوص الشق الاقتصادي لبرنامجه فقد تعلق برفع القدرة الشرائية و تشجيع الاستثمار و التأكيد بأن الجزائر تمتلك العديد من الثروات الباطنية، لكن الملاحظ أن الخطاب لم يرتكز على لغة الأرقام و الوضوح و الدقة، و لم يكن مقنعا من حيث الشكل و المحتوى، لأن البرنامج الاقتصادي لأي مترشح يجب أن يبنى إنطلاقا من الإحتياجات الوطنية و الوضع الإقتصادي و الإجتماعي للبلد، إضافة إلى إدراك التحديات الحالية و المستقبلية التي تواجه إقتصاد البلد، ليتم بعذ ذلك وضع محاور كبرى للبرنامج مع تحديد اليات التطبيق، صعوبات التطبيق و كيفية حلها.
برنامــــــــج المترشـح الحر عبد المجيــــــــد تبــــــــــون
عند الإستماع إلى خطاب المترشح الحر عبد المجيد تبون في ” التعبير المباشر” نجد أن ما قدمه في الشق الإقتصادي جعل برنامجه هو الأكثر قدرة على الإقناع و الأقوى في جذب أصوات الناخبين، فالخطاب يتسم بالوضوح، المنطق، العقلانية و الطموح، يرتكز على محاور محددة بدقة و أهداف محددة في كل محور مع حضور لغة الأرقام التي تسمح بقياس حجم التقدم في تحقيق الإتزامات و الوعود.
و تضمن برنامج المترشح الحر عبد المجيد تبون10 محاور كبرى تتعلق بكل من الجبهة الإجتماعية، الإطار المعيشي و البيئة، تنظيم الدولة و المجتمع المدني، الإقتصاد، الإنتقال الرقمي و التكنولوجي و الإتصال، التربية و التعليم العالي و التكوين المهني، الأمن الغذائي، الشباب، السياسة الخارجية و الدفاع الوطني.
و فيما يخص محور الإقتصاد ركز المترشح الحر على تعزيز المكتسبات الإقتصادية و الإستمرار في وتيرة النمو و تحفيز و حماية الاستثمار و التشغيل و تعزيز و تقوية التوازنات الكبرى في البلاد مع تقوية الانتاج الوطني كبديل للاستيراد، اضافة إلى رفع الناتج المحلي الخام الى 400 مليار دولار مع تحقيق الأمن الغذائي و التطوير الصناعي و البنى التحتية و النقل و تطوير القطاع الطاقوي و المنجمي.
و لعل أبرز النقاط المتعلقة بالبرنامج الإقتصادي للمترشح الحر عبد المجيد تبون تعلقت بتحفيز الإستثمار في الجزائر و يكون ذلك عمليا من خلال تفعيل الدبلوماسية الإقتصادية في الخارج و بإطلاق المشاريع الإستثمارية في الداخل و التي بلغ عددها 8000 مشروع إستثماري مسجل لدى الوكالة الجزائرية لترقية الإستثمار.
أما فيما يخص تعزيز و تقوية التوازنات الكبرى في البلاد فهنا يتعلق الأمر بالنفقات و الإيرادات، بحيث تواجه الموازنة العامة عجزا يقدر بـ 42 مليار دولار، لذلك تعتبر عملية إطلاق الاستثمارات المسجلة لدى الوكالة الوطنية لترقية الإستثمار ضرورة لا خيار من أجل تحصيل الإيرادات الجبائية و الضريبية في المدى المتوسط و الطويل، إضافة الى إدخال السوق الموازي في السوق الرسمي بالتدريج بعد إتمام عملية الرقمنة الشاملة.
كما يعتبر تقوية الإنتاج الوطني و رفع الناتج الداخلي الخام الى 400 مليار دولار أولوية في برنامج المترشح الحر عبد المجيد تبون، فبعد تحطيم صنــم البيروقراطــــية من خلال رفع العراقيــل عن المشاريـع الإستثمارية و وضع مرجعية قانونيـة لضبط و تحفيز العملية الاستثماريـة و إطلاق هياكل اقتصادية و لجنة رئاسيـة و منصات رقمية و رفع القدرة الشرائيـة لتحريك الطلب على المنتجات الوطنية، تحتاج الجزائر للإنتقال إلى السرعة الثانية، و يكون هذا من خلال التركيز على القطاعات المفتاحية، فقطاع الطاقة يمثل رافعة قطاعية لبقية النشاطات الإقتصادية، و مع إستمرار شركة سوناطراك في تحقيق الريادة عالميا في عدد الاكتشافات النفطية و الغازية، فإن القطاع مساهم رئيسي في رفع الإنتاج الوطني.
بالإضافة إلى قطاع الطاقة، فإن قطاع الصناعة يمثل سوق مستقبلي كبير بالنظر إلى الفرص التي يقدمها للمستثمرين، بدليل تسجيل الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار 8000 مشروع استثماري مسجل بين الفترة ديسمبر 2022 و جويلية 2024 موزعة على العديد من الفروع الصناعية بمختلف أنواعها.
و بالنظر إلى إمكانيات النمو الكبيرة التي يمتلكها القطاع الفتي و المتعلق بالشركات الناشئة و إقتصاد المعرفة، و إلى التحفيزات التي تقدمها الدولة الجزائرية، و طموح و رغبة السواعد الجزائرية في الإرتقاء بإقتصاد بلادهم، فإنه يجب التعويل عليه ليصبح مساهم بنسب محددة في الناتج الداخلي الخام مطلع سنة 2027 شرط أن يساهم القطاع الخاص و بتحفيزات من الدولة الجزائرية في تمويل الشباب أصحاب الشركات الناشئة.
أحد أبرز الأهداف الطموحة لبرنامج المترشح الحر عبد المجيد تبون هو الوصول إلى 15 مليار دولار كصادرات خارج قطاع المحروقات نهاية 2025 و بلوغ 30 مليار دولار كصادرات خارج قطاع المحروقات سنة 2030، و هو هدف طموح و يساهم في هيكلة الإقتصاد الوطني، لكن يتطلب رفع القدرات الإنتاجية و بشكل كبير من أجل تصدير الفائض، لذلك تم وضع هدف الوصول إلى ناتج داخلي خام بقيمة 400 مليار دولار و هي تتماشى مع هدف الصادرات خارج قطاع المحروقات.
يركز الشق الاقتصادي لبرنامج المترشح الحر عبد المجيد تبون على الشباب بشكل كبير خاصة ما تعلق بفتح المجال للمؤسسات الناشئة و المشاريع المقاولاتية، لذلك عمل في برنامجه على الإلتزام بإشراكهم في مشاريع الإستثمار العمومي، و نرى بأن ذلك يكون عمليا من خلال وضع شرط في دفتر الشروط يجبر المؤسسات التي تكلفها الدولة بانجاز مشاريع الإستثمار العمومي على التعاقد مع الشباب أصحاب الشركات الناشئة و المشاريع المقاولاتية.
أما في مجال البنى التحتية و النقل فقد إلتزم المترشح بمواصلة مد خطوط السكة الحديدية بين الشمال و الجنوب و إطلاق المزيد من الخطوط الجوية و توسعة الموانئ و شبكة النقل، كل هذه الاليات تساهم و بشكل مباشر في تحقيق الأهداف السابقة و المتعلقة برفع الإنتاج الوطني و حجم الصادرات خارج المحروقات.
كما يركز برنامج المترشح الحر عبد المجيد تبون على تطوير القطاع الطاقوي و المنجمي، فمن جهة فالجزائر دولة غازية بإمتياز و قد سبق لعمالقة صناعة الغاز في العالم كل من شركة شيفرون و اكسون موبايل على إمضاء اتفاقية مع شركة سوناطراك، لذلك تعتبر المواصلة في هذا البرنامج أولوية مطلقة للإقتصاد الجزائري و لإستمرار المترشح الحر عبد المجيد تبون، و من جهة أخرى فإن المشاريع الكبرى الهيكلية تتطلب مواصلة الإنجاز و يتعلق الأمر هنا بكل من إنتاج الحديد الخام بغار جبيلات و الفوسفات بتبسة و الزنك ببجاية من أجل تبوء الريادة في العالم.
ختامــــــا، ركز المترشحين الثلاث على الشق الإقتصادي بشكل كبير بالنظر إلى قدرته في جذب أصوات الناخبين و بالنظر الى أهميته في تطوير البلد، و في هذا الشأن يعتبر المترشح عبد المجيد تبون هو الأكثر قدرة على الإقناع بالنظر الى وضوح و دقة و منطقية و عقلانية البرنامج، إضافة إلى ورقته الرابحة و التي ترتكز على الإنجازات السابقة في العهدة الأولى، إلا أنه في الأخير يبقى الخيار للمواطن لإختيار الأفضل.