خبراء المستقبل المغاربي

سياسة التجارة الخارجية: بصمــــة الجزائر الجديدة في دعم الصادرات خـــارج المحروقــــات

الإنجازات الحالية و الآفاق المستقبلية

من هو إسحاق خرشي

·         الصادرات خــــارج المحروقات… من 2,6 مليار دولار في عام 2019 إلــــى 7 مليار دولار في عام 2023

·         الميزان التجاري و ميزان المدفوعات… من العجز المستمر الى الفائـــض المستدام

·         خطــــوط نقل و بنـــوك و معـــارض في الخارج..هياكل في خدمة الصادرات خارج المحروقات

·         الناتـــــــج الداخلــــي الخام 400 مليار دولار سيسمح بتحقيق 15 مليــــار دولار صادرات خارج المحروقات في 2027

·         الأفـــاق التصديريـــة للجزائر… جهود مطلوبة من أجل افاق واعدة

 

مع إعتلاء سيادة الرئيس سدة الحكم في مطلع 2020، عرفت سياسة التجارة الخارجية تنظيما أكبر بفضل السياسة الاقتصادية الجديدة التي إعتمدها السيد الرئيس والتي تمنح الأولوية لتنويع الاقتصاد الجزائري والخروج من التبعية المطلقة للصادرات النفطية، وقد نجحت الجزائر في رفع صادراتها خارج المحروقات منذ سنة 2021، بحيث إرتفعت الصادرات خارج قطاع المحروقات بشكل ملحوظ في السنوات الأربعة الأخيرة، حيث إرتفعت من 2,6 مليار دولار في عام 2019 إلى 7 مليار دولار في عام 2023.

وتتألف معظم الصادرات خارج قطاع المحروقات من المنتجات شبه المصنعة، من صادرات التعدين والصادرات الصناعية والزراعية الغذائية، كما تشير التوصيات الواردة في استراتيجية التصدير الوطنية تشير إلى أن هناك مجالاً حقيقياً لتوسيعها لتشمل منتجات أخرى. وما يتبقى القيام به هو تفعيل هذه الاستراتيجية، على المدى المتوسط، إلى برامج ملموسة لتعبئة ودعم المتعاملين ذوي الإمكانات التصديرية الحقيقية.

 

أرقام و مؤشــــرات تسجل لأول مرة في تاريخ الجزائــــر

الصادرات خارج قطاع المحروقات

تُشير أرقام التجارة الخارجية للجزائر إلى تسجيل منحى تصاعدي في صادرات البلاد خارج المحروقات في آخر 3 سنوات، فمن حيث الحجم إنتقلت الصادرات خارج قطاع المحروقات من 1.2 مليار دولار قبل 2019 الى 5 مليار دولار في 2021، لتواصل الإرتفاع بعد ذلك إلى 7 مليار دولار في 2022 و تحتفظ بنفس الرقم في 2023. أما من حيث النسبة فقد قفزت صادرات البلاد خارج المحروقات  من مجموع الصادرات الكلية من 3 % (قبل 2020) إلى 11% في 2022  و 16% بالمائة  في 2023  و مع نهاية السنة الحالية ، قد تصل إلى 22%.

الميزان التجاري و ميزان المدفوعات

أما الميزان التجاري الذي سجل عجزا  بلغ 10.6- مليار دولار في سنة 2020، فقد حقق سنة 2021، فائضا قدر بـ 1.6 مليار دولار، ليحقق قفزة أخرى عملاقة في سنة 2022 حيث بلغ 26 مليار دولار و بقى ايجابيا في سنة 2023 بقيمة 12 مليار دولار.

أما ميزان المدفوعات و الذي كان يواجه عجزا في سنة 2021 بقيمة 2.4- مليار دولار فقد تحسن و أصبح موجبا  في سنة 2022 حيث بلغ 12 مليار دولار، أما في سنة 2023فقد واصل تحقيق نتائج ايجابية حيث بلغ 6.5 مليار دولار.

 

خطوط نقل و بنوك و معارض في الخارج..هياكل في خدمة الصادرات خارج المحروقات

وضعت الدولة مجموعة من الهياكل بما فيها المجلس الأعلى لترقية الصادرات، مجلس ضبط الواردات، بنوك و معارض، خطوط نقل بري و بحري  و جوي اضافة الى إلدعم المالي.

المجلس الأعلى لترقية الصادرات

تم تنصيب المجلس الأعلى لترقية الصادرات للمساهمة في تحسين التكفل بإنشغالات المصدرين وتحفيزهم، وجدد حرص الدولة على الدعم المستمر ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين الخلاقين للثروة، خاصا بالذكر المصدرين الذي “نعتبرهم سفراء الاقتصاد الوطني” لتسهيل عملية التصدير ودخول المنتجات الجزائرية للأسواق الخارجة, وكذا صياغة كل الاقتراحات التي من شأنها تدعيم تنافسية المنتجات والخدمات الجزائرية في الأسواق الخارجية.

كما يضطلع بدراسة كل التدابير التحفيزية التي من شأنها دعم المصدرين أو كل عملية تثمين للمنتجات المحلية, مع إقتراح كل التدابير الرامية لتحسين النشاطات في المناطق الحرة والتدابير التي من شأنها رفع العراقيل التي تعيق عملية التصدير.

مجلس ضبط الواردات

تم تنصيب المجلس الأعلى لضبط الواردات المكلف بتحديد وتوجيه السياسة المنتهجة في مجال ضبط الواردات ودراسة واقتراح أي تدبير يرمي إلى ضبط الواردات واقتراح التدابير الرامية إلى حماية الإنتاج الوطني لحلوله محل الواردات وكذا إقتراح تدابير لتحسين نظام المعلومات المتعلق بتحديد حاجات السوق الوطنية بالإضافة إلى إقتراح التدابير الرامية إلى مكافحة الممارسات التجارية غير المشروعة عند الإستيراد، كما يكلف المجلس بإجراء تقييم دوري للمعطيات المتعلقة بالميزان التجاري, لا سيما فيما يتعلق بالاستيراد واقتراح تدابير تعزيز التنسيق بين القطاعات في مجال ضبط الواردات وكذا اقتراح التدابير الرامية إلى تعزيز محاربة تضخيم الفواتير عند الاستيراد.

بنوك و معارض جزائرية في الخارج

من أجل دعم الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات قامت الدولة الجزائرية بفتح بنوك في الخارج في السينغال و موريتانيا، و هذا من أجل مرافقة المستثمرين الجزائريين الراغبين في التصدير  و الترويج للخدمات الجزائرية في هذه الدول مع البحث عن مستثمرين للاستثمار في الجزائر لرفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر.

كما قامت الدولة الجزائرية بفتح معارض دائمة من أجل التسويق للمنتجات الجزائرية المطلوبة بكثرة خاصة في الأسواق الافريقية و ايجاد منافذ جديدة للمصدرين الجزائريين، كل هذا في إطار رفع الصادرات خارج قطاع المحروقات من سنة لأخرى.

خطوط نقل بري و بحري  و جوي نحو الخارج

من أجل نقل الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات عملت الجزائر على إنجاز الطريق البري العابر للصحراء و طريق تندوف الزويرات، كما فتحت خط نقل بحري نحو السينغال و موريتانيا، أما في النقل الجوي فقد تم فتح العديد من الخطوط أبرزها نحو العمق القاري الافريقي، حيث تم فتح الخط الجوي الجزائر السينغال، الخط الجوي الجزائر نواقشط، الخط الجوي الجزائر دوالا الكاميرون، الخط الجوي الجزائر أديس أبيبا، الخط الجوي الجزائر جوهانسبورغ.

 

الدعم المالي

في ديسمبر 2021 تم إغلاق الصندوق الخاص لترويج الصادرات، وفقا لأحكام قانون المالية لعام 2022. ومع ذلك، تم الإبقاء على آلية دعم المصدرين في شكل مساهمات مدرجة في الميزانية التشغيلية لوزارة التجارة وترويج الصادرات. ويجري العمل على الإجراءات التنظيمية الخاصة بالسداد المتضمنة في هذه الآلية الجديدة.

 

الآفاق التصديرية للجزائر… جهود مطلوبة من أجل افاق واعدة

يرتبط حجم الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات بمنظومة إقتصادية ، مالية و تجارية و لوجيستيكية، غير أن نقطة البداية و الأساس هي رفع الإنتاج الوطني من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي الكلي و توجيه الفائض نحو التصدير، لذلك عملت الدولة على مواصلة الحرب على البيروقراطـية من خلال رفع العراقيـل عن المشاريـع الإستثماريـــة، إضافة الى وضع مرجعية قانونيـة لضبط و تحفيز العملية الاستثمارية، كما استحدثت الدولة هياكل اقتصادية و لجنة رئاسية و منصات رقمية، و أطلقت  مشاريع هيكلية و رفعت القدرة الشرائية لتحريك الطلب على المنتجات الوطنية و رفع الانتاج على مستوى المؤسسات الاقتصادية.

فإذا حققت الجزائر ناتج داخلي خام بقيمة 400 مليار دولار في مطلع 2027 سيكون بمقدورها تحقيق صادرات خارج قطاع المحروقات بقيمة 15 مليار دولار، و هذه أهم و أكبر خطوة، لكن الأمر لا يتعلق برفع الإنتاج فقط و إنما منظومة التصدير بالكامل، فالهدف يتطلب فتح خطوط نقل أخرى جديدة نحو دول أخرى صديقة و شقيقة مع فتح معابر على مستوى الولايات الحدودية و التي تمتلك منها الجزائر 15 ولاية، دون أن ننسى تفعيل منطقة التجارة الحرة في الولايات الحدودية الجنوبية.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل يتطلب جهود أكبر على مستوى البنوك الجزائرية الموجودة في الخارج و المعارض الجزائرية الدائمة في الخارج، بحيث يتطلب الهدف المتعلق بتصدير ما قيمته 15 مليار دولار مطلع سنة 2027، ضرورة تحول طريقة عمل هذه البنوك و المعارض من النظام الإداري الكلاسيكي الى التفكير الإقتصادي بحيث لا تكتفي البنوك بالتمويل و تحويل الأموال نحو الجزائر بل بخلق شبكة علاقات لايجاد أسواق للمصدرين الجزائريين و ينطبق الأمر نفسه على المعارض الجزائرية الدائمة في الخارج، التي لا يجب أبدا أن تكتفي بعرض المنتجات و إستقبال الطلبيات، بل بالتفاوض المستمر و الترويج للمنتجات الجزائرية.

ينتقل الأمر وصولا إلى مجال الدبلوماسية الاقتصادية التي يجب أن تلعب دور أكبر في الترويج للمنتجات الجزائرية في الخارج و ايجاد أسواق للمستثمرين الجزائريين الراغبين في التصدير، و في هذا الإطار و في حالة الاعتماد على سفراء الجزائر الموجودين في الخارج فإنه يصبح من الضروري وضع مؤشرات قياس الأداء للسفير من حيث عدد الإتفاقيات المبرمة، عدد المعارض المنظمة، … و غيرها من نشاطات الدبلوماسية الاقتصادية الفعالة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى