تشجيع الإنتــــــــــــاج الوطنـــــــي… بصـــــمة الرئيس تبون
بقلم الدكتور اسحاق خرشي ـ مدير المدرسة العليا للتجارة

تشجيع الإنتــــــــــــاج الوطنـــــــي… بصـــــمة الرئيس تبون
• تحطيم صنــم البيروقراطــــــــية من خلال رفع العراقيـــل عن المشاريـــع الإستثماريـــة
• الحرب على البيروقراطية، تجسدت بالعمل في الميدان و لم تكن شعارا في الإعلام
• لجنة رئاسية لخلق المزيد من الثقة و توفير الأمن القانوني للمستثمرين.
• رفع الأجور بنسبة 57% … إلتزام جديد لتحريك الطلب على المنتجات الوطنية.
• مرجعية قانونيـــة لضبط و تحفيز العملية الإستثماريـــة
بقلم الدكتور اسحاق خرشي ـ مدير المدرسة العليا للتجارة
تحطيم صنــم البيروقراطــــــــية من خلال رفع العراقيـــل عن المشاريـــع الإستثماريـــة
كثيرا ما ظهرت البيروقراطية كحاجز أمام جهود تنويع الإقتصاد الوطني و رفع الإنتاج، و كثير ما إختفت أمام عمليات الإستيراد العشوائي ، جامعة للتفريط في الإنتاج و الإفراط في الإستيراد، الى أن إعتلى سيادة الرئيس عبد المجيد تبون سدة الحكم في مطلع سنة 2020، أين بدأ العمل على تعديل خوارزمية الإقتصاد الجزائري بالإتجاه أكثر نحو دعم الإنتاج الوطني من جهة، و من جهة أخرى عقلنة و تنظيم عمليات الإستيراد، و رغم مقاومة التغيير إلا أن الارادة السياسية كانت أقوى و إنتصرت لصالح الانتاج الوطني.
حيث تم إستحداث هيئة وسيط الجمهورية و تمثلت مهمته بالأساس في تطبيق قرارات رئيس الجمهورية برفع العراقيل عن المشاريع الإستثمارية و التي بلغ عددها 915 مشروع إستثماري تمت تسوية وضعيتها عبر كامل التراب الوطني ما سمح باستحداث 75000 منصب عمل و إمداد السوق الوطني بالمزيد من المنتجات للوصول الى حالة التوازن بين العرض و الطلب.
مرجعية قانونيـــة لضبط و تحفيز العملية الاستثماريـــة
لدعم الإنتاج الوطني و تنظيم العملية الإستثمارية وضعت الحكومة و تحت إشراف رئيس الجمهورية مجموعة من القوانين المنظمة، المحفزة و المدعمة بحيث تم إصدار قانون الاستثمار الذي يقدم العديد من التحفيزات للمستثمرين من حيث تسهيل و تبسيط الإجراءات و من حيث إستحداث الهياكل الداعمة و المنظمة للإستثمار و من حيث الاعفاءات الضريبية و الجبائية و الجمركية. إضافة الى قانون الإستثمار عملت الحكومة و تحت إشراف رئيس الجمهورية على وضع قانون العقار الإقتصادي الذي يسمح للمستثمرين بالحصول على أراضي للإستثمار من خلال عقود الإمتياز و هذا بعد تقديم الطلب على المنصة الرقمية للمستثمر التي تتميز بالشفافية في المعاملات و بالسرعة و الفعالية في الإجراءات.
و بإعتبار أن دعم الانتاج الوطني لا يكون فقط من خلال قانوني الإستثمار و العقار الاقتصادي، تم إطلاق مجموعة قوانين أخرى ترتبط بشكل مباشر بالفعل الاستثماري كقانون الشركات الناشئة الذي يقدم العديد من التسهيلات و التحفيزات لحاملي الأفكار و المشاريع المبتكرة، إضافة الى قانون المقاول الذاتي الذي يسمح بدمج شريحة كبيرة من الشباب الذين ينشطون في السوق غير الرسمي، ما يسمح بإحتساب إسهاماتهم في رفع الناتج الداخلي الخام، و لأن دعم الانتاج و العملية الاستثمارية يتطلبان التمويل للدخول في مرحة الاستغلال تم إطلاق القانون النقدي و المصرفي المنظم لهذه العملية.
هياكل اقتصاديــــة و لجنة رئاسيـــــة و منصات رقميــــة
مواصلة لجهود تشجيع الإنتاج الوطني عملت الحكومة و تحت إشراف من السيد الرئيس على إعادة اطلاق الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار بمقاربة إقتصادية جديدة بعيدة عن المقاربة الإدارية الكلاسيكية، كما تم تزويد الوكالة بالشباك الموحد عبر 58 ولاية بغية تسهيل، تبسيط و تحفيز المستثمرين. إضافة إلى ذلك تم إطلاق المنصة الرقمية للمستثمر التي تسمح بتوفير كل المعلومات اللازمة، لاسيما منها فرص الإستثمار في الجزائر، والعرض العقاري والتحفيزات والمزايا المرتبطة بالإستثمار وكذا الإجراءات ذات الصلة. تسمح هذه المنصة الرقمية المتصلة بينيًا بالأنظمة المعلـــوماتية للهيئات والإدارات المكلفة بالعملية الاستثمارية، بإزالــة الــطــابــع المادي عــن جــمــيـع الإجـراءات والقيام بواسطة الإنترنت بجـــميع الإجراءات المتصلة بالاستثمار. وتــشكل المـنــصة الـــرقـمــيــة أيضًا أداة توجيـه ومرافقة للاستثمارات ومتابعتها انطلاقا من تسجيلها وأثناء فترة استغلالها. ان المنصة الرقمية تمثل تجسيدا للشفافية، و تأكيد على مواصلة الحرب على البيروقراطية، ودليل على أن المعالم الإقتصادية للجزائر الجديدة هي عمل في الميدان وليس شعار في الاعلام.
لم يتوقف الدعم عند هذا الحد بل قام السيد رئيس الجمهورية بإ ستحداث “ لجنة وطنية عليا للطعون المتصلة بالاستثمار” لدى رئاسة الجمهورية، تكلف بالفصل في الطعون التي يقدمها المستثمرون. إن هذه اللجنة ستخلق المزيد من الثقة و توفر الأمن القانوني للمستمرين سواء كانو محليين أو أجانب كما تحطم صنم البيروقراطية الذي إشتكى منه رجال الأعمال الحقيقيين و تسمح بتطبيق السياسة الإقتصادية المرتكزة على أساس تجيع و دعم الانتاج الوطني.
إطلاق مشاريع استثماريــــة و رفع القدرة الشرائيــــة لتحريك الطلب على المنتجات الوطنيــــة
لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، و بكثير من الشجاعة و الإصرار، أطلق السيد الرئيس المشروع الضخم و المتعلق ببداية إستغلال منجم غارا جبيلات بولاية تندوف الذي ظل يرواح مكانه لعقود، إضافة إلى ذلك أطلق السيد الرئيس مشروع خط السكة الحديدية الذي ينطلق من تندوف مرورا ببشار وصولا الى وهران، مشروع الفوسفات المدمج بتبسة، مشروع منجم الزنك و الرصاص ببجاية، محطات تحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي، مشروع عدل3، إستثمارات خطوط شبكة السكك الحديدية و غيرها من المشاريع الاستثمارية المهيكلة. ان هذه المشاريع المهيكلة تحرك الطلب على المنتجات الجزائرية لدى المؤسسات الاقتصادية بما يساهم في رفع انتاجية المؤسسات التي تنعكس ايجابا على عملية خلق فرص العمل و توفير المزيد من المعروض السلعي في السوق.
و في إطار دعم الانتاج الوطني يعتبر تحريك الطلب هو نقطة البداية، لذا عمل السيد الرئيس على رفع الأجور و على فترات زمنية مختلفة في العهدة الرئاسية الأولى، لتصل الزيادات إلى 47%، إضافة إلى هذا أشار السيد رئيس الجمهورية على أن هناك زيادة أخرى قادمة تقدر بـ 53% ما يجعل الأجور تتضاعف خلال فترة زمنية قصيرة. إن رفع القدرة الشرائية للمواطن يسهم بشكل مباشر و فعال في رفع الطلب على المنتجات الوطنية ما يسمح بتحريك عجلة الإنتاج على مستوى المؤسسات الاقتصادية.
إستشـــــــــــــــراف مستقبل الانتـــــــاج الوطنــــــي
إن أكبر مطمئن على مستقبل الانتاج الوطني هي الإرادة السياسية القوية و هي ضامن قوي للمستثمرين، ما عدا ذلك يتطلب الأمر مواصلة الجهود و المزيد العمل على مستوى الوزارات و الولايات و الدوائر و الهيات المعنية بالإنتاج و الإستثمار، فعلى سبيل المثال، نعلم جيدا أن التسيير الحديث يتطلب فكر المانجمنت و ضرورة الإنجاز في الوقت المحدد لإعتبارات التكلفة و الجهد، و هذا ما تحتاجه كل المشاريع الاستثمارية في الجزائر، فإذا كان من المهم تسجيل 7600 مشروع إستثماري على مستوى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، فإنه من الأهم أن تدخل هذه الإستثمارات حيز الإستغلال بغية المساهمة في رفع الإنتاج الوطني و الناتج الداخلي الخام، كما تحتاج هذه المشاريع إلى كميات كبيرة من المياه، لذلك يصبح من الضروري تسليم المحطات الخمس الكبيرة لتحلية مياه البحر، إضافة إلى إكمال البرامج التنموية للولايات المعنية.
كما ندرك يقينا بأن قطاع الطاقة يحتاج إلى المزيد من الإستثمارات النفطية و الغازية لمواجهة الطلب المتزايد داخليا نتيجة زيادة الكثافة السكانية، و خارجيا بالنظر الى أن الجزائر شريك موثوق فيه، في حين أن قطاع الصناعة يتطلب منح رخص الإستغلال للمشاريع المسجلة، أما قطاع الشركات الناشئة فهو بحاجة ماسة الى التمويل من طرف القطاع الخاص.
رغم هذه التحديات، ينتظر الإنتاج الجزائري مستقبل مشرق، فالإرادة السياسية القوية للسيد الرئيس الذي امن بالإنتاج الوطني جعلت منظمات أرباب العمل و النقابات و جمعيات المجتمع المدني، كلها تلتف حول مشروع الرئيس، و هي تنظيمات تلعب دور حاسم في تجنيد القطاعات بغية الإرتقاء بالإنتاج الوطني. بالإضافة الى ذلك تعتبر العودة القوية للدبلوماسية الاقتصادية للجزائر أداة قوية لدعم الانتاج الوطني، فقد سبق لرئيس الجمهورية و بعد الإنتهاء من زيارته لدولة الصين الصديقة، أن أعلن عن رغبة دولة الصين لإستثمار 36 مليار دولار في الجزائر في مشاريع عديدة أهمها يتعلق بخطوط السكة الحديدية، إضافة الى جملة الإتفاقيات و مذكرات التفاهم التي أبرمتها الجزائر مع مختلف الشركاء الاقتصاديين بغية الإستثمار بشكل مشترك في الجزائر مثل إيطاليا، تركيا و موريتانيا.
أكثر من ذلك، تمتلك الجزائر قطاعات إقتصادية ذات إمكانيات نمو كبيرة، أبرزها قطاع الطاقة الذي يمثل رافعة قطاعية لبقية النشاطات الإقتصادية، و مع إستمرار شركة سوناطراك في تحقيق الريادة عالميا في عدد الاكتشافات النفطية و الغازية، فان القطاع مساهم رئيسي في رفع الإنتاج الوطني.
بالإضافة إلى قطاع الطاقة، فإن قطاع الصناعة يمثل سوق مستقبلي كبير بالنظر إلى الفرص التي يقدمها للمستثمرين، بدليل تسجيل الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار 7600 مشروع استثماري مسجل بين الفترة ديسمبر 2022 و جوان 2024 موزعة على العديد من الفروع الصناعية بمختلف أنواعها.
و بالنظر إلى إمكانيات النمو الكبيرة التي يمتلكها القطاع الفتي و المتعلق بالشركات الناشئة و اقتصاد المعرفة، و إلى التحفيزات التي تقدمها الدولة الجزائرية، و طموح و رغبة السواعد الجزائرية في الارتقاء بإقتصاد بلادهم، فإنه يجب التعويل عليه ليصبح مساهم بنسب محددة في الناتج الداخلي الخام مطلع سنة 2027.