من الجامعة الكلاسيكية إلى الجامعة الريادية 2020-2024

من الجامعة الكلاسيكية إلى الجامعة الريادية 2020-2024
إنجـــازات اليوم و تحديـــات الغد
• خيار التحول نحو الجامعة الريادية… حتميـــة إقتصادية للجزائر
• التحول نحو الجامعة الريادية … إقتراب من التمويل الذاتي
• هياكل الدعم، الإبتكار، التمويل … ضمان التحول نحو الجامعة الريادية
• من طالب اليوم باحث عن العمل إلى مقاول الغد صانع لفرص العمل
• إطلاق أكثر من 60 منصة رقمية
• تسجيل أكثر من 1.3 مليون طالب في مؤسسات التعليم العالي بـ 00 ورق
• عدد العمليات الدفع الالكتروني… أكثر من 2.6 مليون عملية
• 250000 خريج كل سنة من الجامعة الجزائرية.
الدكتور اسحاق خرشي ـ أستاذ جامعي ومحلل سياسي
من طـــالب اليوم باحث عن العمل إلى مقـــاول الغد صانع لفرص العمل:
تسير الجامعة الجزائرية و بخطوات ثابتة للإنتقال من التركيز على التوظيف إلى التركيز على مبدأ خلق فرص العمل من خلال تشجيع الطلبة على إطلاق مشاريعهم الابتكارية و مؤسساتهم الناشئة، و في هذا الإطار و لتسهيل العملية أصدرت الوزارة القرار 1275 و إعداد مشروع مذكرة تخرج للحصول عل شهادة جامعية – مؤسسة ناشئة من قبل طلبة مؤسسات التعليم، كما قامت بتنصيب اللجنة الوطنية التنسيقية لمتابعة الإبتكار وحاضنات الأعمال الجامعية، إضافة الى تخصيص 1200 مكتب على شكل مساحات لإحتضان الشركات الناشئة.
أما من حيث الهياكل فقد تم إنشاء 107 ملاكز لتطوير المقاولاتية و 118 حاضنة أعمال و17 دار للذكاء الاصطناعي، كما تم إطلاق 91 مركز لدعم الابتكار و التكنولوجيا مع إنشاء 3 حظائر تكنولوجيا و88 مكتب ربط: الجامعة/ المؤسسة. و قد تم تسجيل 6000 مشروع مبتكر منها 2477 من خلال القرار 1275 و 264 مشروع حاصل على لابل و 854 طلب براءة اختراع.
تجويـــد التعليم للإنتقـــال من الكم الكلاسيكـــي الى الكيف الريـــادي:
من أجل رفع من جودة الأفكار و المشاريع الإبتكارية و رفع فرص حصولها على التمويل تم إستحداث مدارس عليا و مجالس علمية و جامعات خاصة و مكاتب دراسات، حيث تم إنشاء 12 مدرسة عليا جديدة مع فتح 14 ملحقة لكلية الطب و إطلاق أول كلية للصيدلة، إضافة إلى تنصيب المجلس الوطني للبحث العلمي و التكنولوجي و إعتماد 9 مؤسسات خاصة بالتعليم العالي. قامت الوزارة أيضا بإنشاء 102 مؤسسة فرعية على شكل مكاتب دراسات و إطلاق 63 مخبر تصنيع مع وضع حيز الإستغلال 21 منصة تكنولوجية.
الرقمــــــــــــــــــــــــــنة… البصمـــة و النمـــوذج:
يفرض الإنتقال من الجامعة الكلاسيكية نحو الجامعة الرقمية ضرورة رقمنة المرفق العمومي الجامعي، و في هذا الإطار تعمل وزارة التعليم العالي و البحث العلمي على إتباع سياسة صفر ورق، و قد بلغت نسبة الرقمنة في القطاع أكثر من 80% في الشق البيداغوجي و الإداري و الخدماتي، بحيث تم إطلاق أكثر من 60 منصة رقمية. ففي الشق البيداغوجي تم تسجيل أكثر من 1.3 مليون طالب في مؤسسات التعليم العالي بـ 00 ورق، كما بلغ عدد عمليات الدفع الإلكتروني أكثر من 2.6 مليون عملية تخص التسجيل بالجامعة و الخدمات المرافقة، كما أصبح اليوم بمقدور الطلبة و من خلال تطبيقWebetu الإطلاع و بصيغة رقمية على نقاط الإمتحانات و التسجيل و إعادة التسجيل و ذلك فقط من خلال هواتفهم النقالة إضافة الى تشجيع التعليم عن بعد. أما من الناحية الإدارية فبإمكان الأساتذة الجامعيين طلب كشف الراتب الشهري رقميا من المنصات الرقمية، إضافة إلى إمضاء محاضر الخروج و معالجة ملفات التأهيل و الأستاذية و مناقشة أطروحات الدكتوراه بالصيغة الرقمية، إضافة الى رقمنة الجداول الزمنية للأساتذة الجامعيين و إطلاق التوقيع الالكتروني و البطاقة الالكترونية RFID.
و في شق الخدمات الجامعية تم إطلاق تطبيق My Bus الذي يسمح للوزارة الوصية بمعرفة مكان تواجد حافلات النقل الجامعي و المسار المتبع في الوقت المطلوب، و يكون أيضا بمقدور الطلبة معرفة أماكن و توقيت حافلات النقل الجامعي، ضف الى ذلك تم رقمنة عملية الدخول الى الإقامات الجامعية من خلال تقنية التعرف على الوجه، إضافة إلى إطلاق المحفظة الإلكترونية الخاصة بالمطاعم الجامعية. كل هذا يأتي في إطار التوجه نحو الجامعة الريادية و بهدف تحسين معيشة الطالب، الأستاذ و الأسرة الجامعية.
أما بالنسبة لتشجيع الإبتكار و ريادة الأعمال، فقد تم بالتنسيق مع وزارة الشركات الناشئة و المؤسسات المصغرة و إقتصاد المعرفة إطلاق منصتين رقميتين، تتعلق الأولى Innovation.gov بتشجيع المؤسسات على التعاقد مع الشركات الناشئة للقيام بالبحث و التطوير، في حين تتعلق الثانية Kickstart بمرافقة الطلبة حاملي المشاريع الإبتكارية من خلال دفع حصص إشتراكاتهم في حاضنات الاعمال على عاتق الدولة.
تقوية هياكل الدعم… تأشيرة الإنتقال نحو الجامعة الريادية
يتطلب التحول نحو الجامعة الريادية ضرورة توفير المزيد من هياكل الدعم الضرورية مثل مخابر التصنيع، مشاتل المؤسسات، مساحات العمل المشتركة، مسرعات الأعمال، التمويل الخاص،التمويل العام، عقود مع المجمعات الصناعية الكبرى لتمويل الشركات الناشئة، الجمعيات، الأحداث، مراكز و عمليات التكوين ومسابقات للشركات الناشئة المتميزة. كل هذه الهياكل ضرورية للجامعة الكلاسيكية و هي بمثابة تأشيرة للإنتقال نحو الجامعة الريادية.
الحاجة إلى مساهمات وزاريـــة من أجل جامعة ريادـــية
من حيث القوانين فهناك حاجة ماسة للإسراع في إصدار بعض القوانين المدعمة للانتقال نحو الجامعة الريادية و على رأسها قانون إقتصاد المعرفة الذي تشرف على إعداده وزارة الشركات الناشئة و إقتصاد المعرفة و المؤسسات المصغرة، و هو يخص الإطار القانوني لكل من تمويل الإبتكار ودعم البحث والتطوير والملكية الفكرية والحوكمة والمنظومتين التعليمية والتكوينية والإقتصاد الرقمي ونقل التكنولوجيا. ضف إلى ذلك يحتاج الكثير من الشباب المبتكر إلى إطار قانوني منظم لكيفية و شروط صناعة طائرة الدرون و هذا ما يلزمنا بتسريع إصدار دفتر الشروط المنظم لهذه العملية.
إضافة الى ذلك وجب التنسيق مع وزارة الصناعة و الانتاج الصيدلاني بغية إبرام عقود مع المجمعات الصناعية الكبرى لتمويل الشركات الناشئة في الجزائر مثل مجمع سونطراك، أو مجمعات عالمية مثل IBM, Google, Apple.
حلول تمويليـــــــــــــة … للإلنتقال نحو جامعة رياديــــــــــــة
حسب الأرقام الرسمية فإن الصندوق الوحيد الموجود في الجزائر ASF يمول ما نسبته 10% من مجموع طلبات التمويل، و هي نسبة قليلة قد تمثل العقبة الأكبر بالنسبة للشباب و الطلبة الجامعيين، ضف إلى ذلك، فان رهان التحول نحو جامعة ريادية مرتبط بمدى توفر التمويل لأصحاب المشاريع المبتكرة و الشركات الناشئة و عليه نرى أنه من الضروري إتخاذ بعض الإجراءات العملية، البسيطة و الفعالة
كتخصيص كوطة (%7) من صندوق التمويل الجزائري لفائدة طلبة الجامعة و طلبة التكوين المهني من أجل تمويل مشاريعهم الابتكارية و شركاتهم الناشئة، إضافة إلى ضرورة التفكير في إنشاء أول مسرع أعمال جامعي لتمويل و توسيع نمو المشاريع الإبتكارية للطلبة الجامعيين، كما يحل مشكل التمويل أيضا من خلال العمل على عقد إتفاقيات مع القطاع الخاص لإنشاء صناديق تمويل مقابل الحصول على مزايا ضريبية و جبائية.
الدبلوماسيــــــــة الإقتصادية … من أجل جامعة رياديــــــــــــة
يمكن لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي إستخدام الجهاز الدبلوماسي لدعم بيئة ريادة الأعمال لصالح الشركات الناشئة و الطلبة حاملي الأفكار الإبتكارية، في هذا الإطار و لتحقيق ذلك نقترح إبرام علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر و سفراء دول كل من الولايات المتحدة الامريكية، الصين و إنجلترا المتواجدين هنا بالجزائر، بإعتبار أن هذه الدول تمتلك أفضل النظم البيئية لدعم بيئة الأعمال الريادية حسب تقارير المنظمات الدولية، كما يمكن إبرام علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر ممثلة بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي و سفراء دول سويسرا، الدانمارك و هولندا المتواجدين هنا بالجزائر، بإعتبار أن هذه الدول تمثل أكثر الإقتصاديات إبتكارا في العالم. يمكن أيضا إبرام علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر ممثلة بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي و سفراء دول كل من النرويج، السويدو فنلندا و المتواجدين هنا بالجزائر، بإعتبار أن هذه الدول متصدرة في ترتيب أفضل الدول في مؤشر إقتصاد المعرفة. وجب أيضا التنسيق مع سفراء الجزائر المتواجدين في كل من الولايات المتحدة الامريكية، الصين، إنجلترا، سويسرا، الدانمارك، النرويج، فنلندا و هولندا، بغية اعداد تقارير مفصلة عن تجربة هذه الدول في مجال دعم بيئة ريادة الأعمال، في مجال الإبتكار و في مجال إقتصاد المعرفة.
لماذا يمثل التحول نحو الجامعة الريادية حتميـــة إقتصادية للجزائـــــــــر؟
إذا كان التحول نحو جامعة ريادية هو خيار بالنسبة لقطاع التعليم العالي و البحث العلمي، فنحن نرى أنه حتمية بالنسبة للإقتصاد الجزائري، بالنظر إلى أهميته، حجم تأثيره على الإقتصاد الجزائري، و الإعتماد عليه لمواجهة التحديات المستقبلية.
يمثل التحول نحو جامعة الريادية ; إقتراب من التمويل الذاتي و حل مناسب لتخفيف الضغط على النفقات في الموازنة العامة و ميزانية القطاع، حيث قدر العجز الموازناتي المتوقع في قانون المالية لسنة 2024 بمقدار 42 مليار دولار، بسبب الضغط الكبير على النفقات مقابل الإيرادات، لذلك تعتبر الجامعة الريادية أحد الروافد التي يمكن التعويل عليها لدعم نمو مشاريع الطلبة و الشركات الناشئة و مساهمتها في تحقيق إيرادات إضافية لخزينة الدولة في السنوات القادمة، بغية استخدامها لتحقيق توازن الميزانية.
يمثل التحول نحو جامعة ريادية فرصة لخفض معدل البطالة، حيث يقدر عدد المتخرجين من الجامعة الجزائرية بـ 250000 خريج كل سنة، و لا يمكن توظيفهم جميعا في القطاع العام، فبدل البحث عن فرصة عمل، فان التحول نحو جامعة ريادية سيسمح لهم باطلاق شركاتهم الناشئة و خلق الكثير من فرص العمل للشباب.
لا يمكن بأي حال من الأحوال الإستمرار في الإعتماد على الاقتصاد الأحفوري من نفط و غاز لتسيير و تجهيز الميزانية السنوية للدولة،خاصة إذا علمنا أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان الجزائر بعد 10 سنوات قرابة 60 مليون نسمة، و هذا ما يتطلب موارد إضافية لخزينة الدولة، فرص عمل أكثر للشباب و إنتاج أكبر بغية الاستجابة للطلب الكبير، لذا وجب علينا الاسراع في التحول نحو الجامعة الريادية و على إقتصاد المعرفة الذي تصنعه الشركات الناشئة للطلبة الجامعيين من خلال مشاريعهم الإبتكارية.