ثقافي

” المستقبل المغاربي ” ترصد أراء الفنانين في يومهم الوطني 

عزم على التحدي في مناخ إبداعي  صعب , غياب سوق للفن وتفشي الطفلين 

عبّر فنانون، عن إستيائهم من الوضعية الاجتماعية والمهنية للفنان، فالكاتب، والممثل، والتشكيلي، والحرفي، والمسرحي،وغيرهم يعانون في صمت في ظل غياب تام لقانون واضح يحميهم سيما وأن المناخ حسب قولهم غير ملائم للإبداع مع غياب سوق للفن وتفضيل فن عن آخر، وما زاد الطين بلّة ظهور متطفلين بشكل كبير مؤخرا على الساحة الفنّية ممّا غيّب أهل الإختصاص وممارسي المجال وأحالهم على التقاعد، وينطبق المثل الذي يقول” كى كان حي مشتاق تمرة، وكى مات علقولوا عرجون” . وترصد يومية ” المستقبل المغاربي ” أراء البعض في اليوم الوطني للفنان.

جمعتها / عائشة قحام

الفنان  الممثل زرزور طبال

“حساسيات الفنانين بين بعضهم البعض سبب تأخرهم وتهميش “

 الفنان الجزائري معروف بتفانيه وحبه لفنه، وابتسامته في وجهه  لكن أوضاعه الاجتماعية والمهنية متردية، حتى القانون المتعلق بالحماية والخدمات الاجتماعية للفنان الذي صدر منذ  2014 بموجبه تكون له بطاقة  مهنية كإعتراف بيه.

 قدّم الفنان الجزائري وما زال يقدم لبلاده، لذلك كانت البطاقة  تسمح  للفنان الانخراط في الضمان الاجتماعي والحصول على تأمين، لكن هيهات، أي تأمين  في ظل التهميش الحاصل داخل الأسرة الفنية بشكل عام.

الفنان الجزائري له تجربة في الفن جيدة على المستوى العالمي، ويعد مدرسة، لكن ورغم تجربته الكبيرة وتكوينه  يقف حائرا أمام التصرفات التي تجعل الأعمال الفنية  الضخمة  تتوجه إلى مروجي ومدمني الوهم، مع ظهور شخصيات يزعمون أنهم فنانون عن طريق التيك توك والانستغرام لكنهم غير مكونين فنيّا لتجد العروض عليهم تتهاطل للظهور أمام الكاميرا.  

وفي ظل كل ما يحدث،أرى أن تهميش الفنان مقصودا من زميله لا لشيء إلاّ أن أجره عالي أو لا يتفق ويختلف  معه لسبب ما،  ولهذا يكتفي صاحب العمل بمن هبّ حتى لا أقول كلام آخر.

سيدتي الفنان له دوره الاجتماعي والثقافي باتجاه المتلقى، هذا الأخير أصبح هاربا إلى ثقافات أخرى، في ظل الأعمال المتردية، المقتبسة بشكل ساذج أو النقل الكلي لإبداع ما منبهر به من خارج الحدود، رغم وجود اعمالا بالساحة الفنية إلا القليل منها التي نعتز بها، ما يظهر من بعض الأشخاص على شكل أنهم فنانون، لكنهم غير شرعيين بحكم مواهبهم سطحية وتحتاج الى تكوين مهني قبل كل شيء.

المشهد الثقافي الفني الجزائري،  شاهد على  الكثير من الحالات المزريّة  لفنانين هم  احياء ولكنهم في تعداد الموتى  اعتزالا.. تهميشا.. في صمت عن المشهد الفني كصناع لها ومؤثرين فيه، لهذا أقول، أن هناك جهات تتغذى من تلك الاختلافات والتهميش والصراع لبعضهم البعض، لكن حين تطلع على من هم المستفدين من ذلك هم زملاء المهنة، وبهذا وللأسف هنيئا للفاعلين والمؤثرين بالتواصل الاجتماعي بالقفز، هؤلاء سلبوا أماكن الفنانين الحقيقيين وظهروا للمتلقي كأبطال، حتى ويعملون بأجر بسيط جدا، فقط والهدف من ذلك حب الظهور وزيادات الاعجابات على صفحاتهم. هذا كله نتيجة الإختلافات بين أهل الفن أولا، وعدم وجود قانون فعلي وحقيقي بحمى الفنان ويفرض شروطا على كل من يمتهن هذه المهنة.فالإبداع يرفع ويرتقى بكل مبدع موهوب ومتعلم وعن دراية لفنه، لكن الحساسيات التي بين الفنانين هي سبب تأخرهم وتهميش بعضهم بعضا عمدا، فالسكن مشكل يعانى منه الفنان، وكذا التقاعد وغيره، فالفنان بحاجة لفضاء مناسب له ولعائلته للعيش الكريم.

فالمشكل الذى يجعل عدم إستقرار في الحالة الاجتماعية للفنان كما سبق الذكر عدم وجود قانون واضح وتبقى الاّ التصريحات التي يتم تداولها من هنا وهناك،  لكن ولعدم استقرار وزراء الثقافة لمدة أطول يجعل من القرارات تلغى ويتم نسيانها، ويٌربك عملية تطوير الفن.

الفنانة التشكيلية والمبدعة العلجة  صدوقي

ما يبقى في الواد غير حجاره” “

إذا تحدثنا عن المناخ، كما تفضلتي صديقتي، فالحقيقة المناخ غير ملائم للإبداع ولكن على المبدع أن يصنع مناخا وبيئة خاصة به.

الفن في الجزائر بالنسبة للجمهور مقتصر على الغناء والرقص فقط أما الفروع الأخرى فشبه مهمشة وهذا يدعو للأسف والحسرة.. الفن لا يمكن حصره في مجال واحد علينا أن نوازي الكفات إن كنا نريد مستقبلا زاهرا.

فالحديث عن أجر الفنان، عويص، وأهم من يظن أنه يمكن أن يقتات من فنه في بلد يهمش مبدعيه ويعدمهم، البعض يمرضون ولا يجدون حتى ثمن العلاج… الأجر الوحيد الذي يدفع للفنان هو التجاهل.وعن سؤالك بخصوص،هل الساحة بحاجة لغربلة، لبعض المتطفلين، بصراحة، في كل مجال يوجد متطفلون والغربلة الزمن كفيل بها و”ما يبقى في الواد غير حجاره ” كما يقول المثل… ومن يدري قد نكون نحن ممن سيجرفهم التيار.

انشغالاتنا لا تهم طالما أنها لا تجد آذانا صاغية لدى الجهات الوصية أؤمن بشيء واحد أني لا أحتاج أحدا لأتطور سوى التوفيق من الله، وأن على الجهات الوصية أن ترعى المبدعين من تلقاء نفسها دون أن تشعرهم أنهم متسولون حين يطالبون بحقوقهم المشروعة.

فالحديث عن المعاناة الفنان من طرف بيئته، طبعا وهو أمر يدعو للسخرية والأسى معا أن يهدم الطموح بيد من المفترض أن يساعدك في البناء في كل دول العالم القرى والمدن تفخر بمبدعيها وتدعمهم إلاّ في بلدنا يٌعتبر البعض المبدع حالة شاذة أو كائنا غريبا يدعو للتنكيت وأحيانا يعاير المبدع بفنه أما عن مديرية الثقافة أو الوزارة فأفضل الصمت لأنه إذا فتحنا هذا الباب فلن يغلق أبدا.

الفنان التشكيلي خميس محمد الصادق

 “للأسف هناك تهميش وتفضيل فن عن الآخر”

نحن نعاني من الانعدام وليس غياب سوق الفن فمهما بلغت قوة عمل الفنان في لوحته  ومهما تطلبت من جهد فني وفكري  فمصيرها دوما سيكون مأكل للغبار والعناكب مع الأسف.

اكيد هناك تهميش وتفضيل فن عن الآخر فمثلا المغني لا يقيم حفله حتى يوفر له المال الذي اشترطه من قبل مسوؤلي الثقافة عكس الرسام الذي قد يتطلب إنجازه للوحة شهور او سنوات وعند استدعائه لمعرض ما  سيكرم بشهادة مشاركة لا أكثر    

الفنان قد يكون له أجر وراتب بقدر نوع الفن الذي يبدع فيه لكن الرسام بقي الفنان الوحيد الذي لايستفيد من أي شيء، مهمش لدرجة كبيرة من الوصف. الساحة ليست بحاجة لغربلة المتطفلين بقدر ماهي بحاجة إلى غربلة معظم مسؤولين الثقافة، لأن البعض منهم بعيدي كل البعد عن الثقافة الحقيقية. وأيضا الفنان يعاني من بيئته قبل مديرية الثقافة لأن بيئتنا تفتقر لثقافة الفن التشكيلي.

الاعلامية والشاعرة سعاد بولقناطر 

“نجوم التيك توك صنعهم الفراغ ولا مستقبل لهم”

الحديث عن المناخ إن كان ملائما للإبداع هو حديث عن النقص الكبير في مرافقة الفنان، هو الحديث أيضا عن نقص الفضاءات الابداعية ، هو غياب الامكانيات والآليات، هو عدم وجود سياسة فنية واضحة تحافظ على كرامة الفنان طول السنة إلى أن يحل اليوم الوطني للفنان فيكون يوم الثامن جوان هو عيده الذي نحتفي فيه بالفنان، هو عيده الذي نقوم فيه معه بتقييم ماقدمناه له حتى نطالبه بما قدمه هو الآخر .. أما مسألة أفضلية فن عن آخر فهذا يتعلق أساسا بقاعدة تجارية تفرض نفسها دون تدخل الجهات الوصية في تنظيم مايتعلق بمعايير سوق الفن، وبسبب الخلل الذي يطبع هذا السوق نجد اللاتوازن في المهن الفنية ويتمثل ذلك في تهميش فئة كبيرة من هؤلاء الفنانين على حساب الذوق العام الذي تردى في السنوات الاخيرة.. ومنه المعاناة المتواصلة للفنان بعيدا عن أي توجيهات من الجهات الوصية على وضع الفن ككل ، وعشوائية سوق الفن وعدم استقراره جعل من أجر الفنان أجرا زهيدا، هذا الأجر الذي تتحكم فيه مافيا سوق الفن، في ظل غياب سلم للأجور  تخص الفنان بمختلف اختصاصاته شاعرا كان ام مغنيا أم ملحنا أم ممثلا .. وغيرهم.

وخير دليل على ذلك أن المنتجين الفنيين الذين لا يعتمدون على اي قاعدة او قانون فيما يدفعونه للفنان على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي نجد الفنان يقبل بأي عمل تحت وطأة الحاجة وكذا غياب نقابة للفنانين وهي بمثابة مراقبة فعلية توجهه وتحمي حقوقه في كل الظروف ، وتضمن تنفيذ دفتر الشروط الخاص بعلاقات العمل ، للاسف كثيرا ما يتحدد أجر الفنان على اساس مفاوضات تجمعه مع من يطلبه للعمل وهذه إحدى المسائل المهمة التي ينبغي مناقشتها مع مسؤولي قطاع الثقافة والفنون بالدرجة للاولى.

ولا يخفى على أحد منا أن هذا الأجر الزهيد لا يضمن الحياة الكريمة للفنان خاصة في حال مرضه فما بالكم بمن يعانون الأمراض المزمنة، وهذا الجانب من معاناة الفنان يحيلنا إلى الحديث عن الساحة الفنية التي تعج بمن يملكون الموهبة دون الاستعانة بمن يصقل هذه المواهب وهو جانب التكوين الغائب عامة ، الأمر الذي جعل الكثير من الطفيليين يدخلون عالم الفن  بتقديم اعمال هزيلة لا ترتقي حتى إلى تسميتها بعمل فني ،  لكن غياب او تواطؤ جهات لتأهيل هؤلاء جعل منهم نجوما يُعتمد عليها لضمان الربح على حساب الذوق والجدية وحتى الأخلاق ، وهي قضية هامة ينبغي ويجب إعادة النظر في آلياتها، بهدف تصفية عالم الفن ممن لا تكوين لهم وإن كانوا موهوبين ، فالقاعدة ألا موهبة وحدها بدون تكوين، وهذا للإرتقاء بالفن والثقافة ككل.

وإن  الحقيقة أن مشاكل الفنان تختلف من المغني إلى التشكيلي إلى المسرحي و السينمائي .. وهي مشاكل فرضتها منظومة ثقافية وفنية غير جادة وفاشلة عجزت عن تحويل كل ماهو سينما ومسرح وفن تشكيلي وأدب ونشر وتوزيع إلى صناعة حقيقية وقيمة مضافة للاقتصاد الوطني .

إلى جانب غياب التشريعات والجباية والضرائب التي من شأنها تحفيز هذه الصناعة ، ناهيك عن انعدام سوق للفن ،فالفيلم لا قاعة له واللوحات لا معارض لها ولا بيع؛  والعروض المسرحية والاوبيرات والسمعية البصرية تكاد تكون بدون مقابل؛ ضف إليها البرمجة الغائبة دائما والعشوائية في كثير من الأحيان والترويج الذي لا وجود له،

وكل هذه الشروط اذا توفرت جعلت من الفعل الثقافي والفني فعلا مربحا له مردودية تجارية واقتصادية مما يسمح للقطاع الخاص اقتحام هذا المجال ويشجعه على الاستثمار فيه، وهو أمر أكثر من ضروري فيتحول إلى منتج حقيقي داعم للفن والثقافة .

ومن الغريب طرح مقاربة ظهور ووجود نجوم التيكتوك على حساب  مدارس هي غير موجودة أصلا وهو وضع اكثر من مؤسف ومثير للسخرية .

ولأن الطبيعة تأبى الفراغ وفي ظل غياب مدارس للتكوين الفني والأكاديمي نجد أن المنتجين يتجهون غالبا إلى انتقاء وجوه من مواقع التواصل الاجتماعي لسد هذا الفراغ والاستعانة بهم حتى في الأدوار الرئيسية دون الاكتراث بمستواهم الفني والثقافي والتعليمي وحتى الأخلاقي؛ وهذا طمعا في جلب اهتمام ومتابعة الجماهير .

ولعل بكالوريا الفنون التي ستميز الدورات القادمة ستكون مخرجا أوليا وضروريا لتوجيه المواهب وتكوين الكفاءات الشابة التي يمكن أن يُعول عليها مستقبلا في سبيل الإرتقاء بمجمل الفنون.

الكاتب جمال فوغالي

“الحلمُ آيتُنا في الحياةِ “

منذُ كانَ الإنسانُ كانَ الكلمة،وفي البدءِ كان الكلمة،الحياة،الوجود،هذا الكون الذي نحياهُ ونحيا فيهِ وبه،بأرضهِ وسماواتهِ الطباق،ومجرَّاتِهِ المعروفةِ وتلكَ التي نجهلها والعلمُ يبحثُ عنها،والإبداعُ مرتبطٌ بالإنسانِ في تجلياتهِ كلِّها،وفي كلِّ الظروفِ والسياقات،ولا علاقةَ للإبداعِ بما يلائمهُ ولا يلائمهُ،الإبداعُ يكونُ قبلَ الطوفانِ وبعده، وفي الزلازلِ منَ اهتزاز الأرواحِ ودونها،وفي الأوبئةِ وفي الحروبِ وفي السلام، إنهُ متعلقٌ بالإنسانِ في تعاليهِ وانحداره،ذلكَ جوهرُ ما يستدعيهِ الإبداعُ عمراناً وكتابةً وفنوناً يتداخلُ بعضها ببعضٍ ليقولَ هذا الذي يؤرخُ للإنسانِ في ماضيهِ وحاضرِهِ مستشرفاً ما سيجيء، وسينتهي الإبداعُ بانتهاء الإنسان، ودون ذلكَ فهو مستمرُّ كما استمرارِ الشمسِ والقمرِ والنجومِ والفيضاناتِ والحرائق والهِزَّاتِ الارتداديةِ منْ قلوبنا والجوارح، وسيظلُّ ما دامتِ الأرضُ تدورُ في مجراتها ومنها التي تعنينا درب التبَّانةِ على ما يقولُ علماءُ كوكبنا الذي يسعى إلى الهاوية،وهو الآنَ عندَ حافتها وعلى شفا حرْفها،ولمْ يعدِ الدجَّالُ واحداً فقد أخذ أكثرَ منْ لَبوسٍ ويتقنَّعُ بأكثرَ منْ قناع،والإبداعُ روايةً أو قصة أو شعراً أوْ موسيقى أوْ فنًّا منَ الفنون المشهديَّة أو التشكيلية أو المسرحية أو السنيمائية يقول كلُّ ذلك

قدْ يبدو لبعضنا أنْ ليسَ للفنِّ التَّشكيليِّ منْ سوق،والأمرُ في باطنهِ غيرُ ذلك، فالفنون متساويةٌ فيما بينها،وكأنَّ الأغنية لها سوقها والتجارة، وكأنَّ الكتابَ ليسَ لهُ ما لغيره، وينسحبُ الأمرُ على الفنون كلها،والتفاوتُ فيما بينها ضئيلٌ لا تقولُهُ الحقائقُ التي نجهلُها والتي تغطي عليها،إنْ هي إلاً نظرتنا القاصرةُ بمقدارِ قرْبنا أو بعدنا عمَّا نراهُ ونعيشه

فهلْ يعتقدُ الناسُ أنَّ الكتابَ ليسَ كغيرهِ من الفنون؟

والكاتبُ لا يطبعُ غيرَ مائةِ نسخة،والبعضُ يدفعُ كي يطبع،والقلَّةُ القليلةُ النادرةُ التي يمكنها ألاَّ تفعلَ ذلك،ليس في بلادنا فحسب بلْ في كثير منَ الدول العربية والأجنبية والتي لها في هذا الأمرِ تقاليدُ لا تحيدُنها،والتفاوتُ هنا يؤكدُ القاعدة

ماذا يعني سوق الفن،إذا كنا لا ندرك جوهرَ الفنِّ التشكيليِّ،وهو ليسَ جزءاً منْ حياتنا،ونحنُ نسعى السعيَ الذي لا يتوقفُ في الحديث عن الحليب المُغبْرنِ والزيتِ المؤدلجِ والبطاطا المتكبِّرة؟

وكيف نتحدثُ عن المسرحِ ولم يرَ أحدُنا في حياتهِ غيرَ بعضِ المسرحياتِ لايتعدَّى أصابع اليدين؟

ولمْ يرتدْ في حياتِهِ متحفاً في مدينته،ولمْ يقرأْ في مراحلِهِ العمريَّةِ غيرُ كتبِ اختصاصهِ منْ أجلِ الشهادة التي يؤطرها ويظلُّ يمسي عليها ويصبحُ ويفاخرُ بها غيرَه؟

ولأكنْ أكثرَ صراحةً ماذا قرأنا نحنُ الألى نزعمُ أننا كتابٌ في حياتنا منْ كتاب؟

إنِّي أستحي وأنا أقفُ أمام مكتبةٍ في ولايةٍ من ولاياتِ الجمهورية،وأرى الرفوفَ الملأى،ونحنُ عاجزونَ عنْ قراءتها،فماذا نقولُ عنِ المكتباتِ الوطنية في كثير منَ الدول؟

وهذي مكتبتنا الوطنيةُ الجزائريةُ الشاهدة،إذْ نقفُ أمامَها مقصرين بما تفيضُ بهِ منَ المخطوطاتِ وما تمتلىءُ بهِ منْ كتبٍ نادرة ولمْ نقدرْ حتَّى على تصفحها،ونعودُ لمكتباتنا الخاصة فنجدنا لا نقوى على الإتيان على قراءةِ جميعِ ما اصطفيناهُ في حياتنا إلاَّ ما كنا في حاجة ماسةٍ إليه في بحثٍ أكاديميٍّ أو نرومُ معرفةً لكتابةِ نصٍّ روائيٍّ أو شعريٍّ يستندُ لوعيٍّ معرفيٍّ،وأصبحَ بعضنا يسابقُ بعضنا إلى النجوميَّةِ الكاذبة،ونردِّدُ العناوينَ منْ هنا وهناكَ وكأننا نملكُ الحقيقة،وندَّعي ادِّعاءاتنا ونحنُ لا نقرأُ لبعضنا البعض،ونجاهرُ بذلكَ ولا نستحي …

عيدُ الفنانِ أن يكتبَ الكاتب نصًّا إبداعيًّا جميلاً يبقيهِ مقيماً في الأبديَّة،وأن يقدِّمَ فيهِ الممثلُ دوراً يبقيهِ حيًّا في الحياة،ويرسمَ التشكيليُّ لوحةً تلخصُ في ألوانها جوهرَ المأساة الإنسيانية التي نتكبَّدها،والنيرانُ تحتوينا منْ جميع أقطارنا،وأنْ يغنِّي المطربُ أغنيةً تترددُ في العالمين،وأنْ يدبِّجَ الناقدُ كتاباً نقديًّا بعيداً عنِ التَّقْميشِ والتَّهميش

ذلكَ شوقُنا والحنين،ونحنُ أبناءُ الأحلامِ سواءٌ عليها أتحققتْ أمْ لمْ تتحقَّقْ،فالحلمُ آيتُنا في الحياةِ ودونهُ نحنُ في الموات.

الفنانة الممثلة أمال منغاد

لا بد من تنظيم واضح للحياة الفنية

الحديث عن الفنان، والفن في بلادنا بحاجة لأيام ولقاءات إلى غير ذلك، فلو كان المشكل في الراتب الشهري فقط ، ولو انحصر المشكل في قضية من الأولى بالتمثيل، هل هو الذي استفاد من التكوين أو أصحاب الوسائط الاجتماعية ( التيك التوك..) لكان الأمر بسيطا ، فالتكوين وسيلة تساعد على إدراك الواقع و لكن لا تجعل بالضرورة من الطالب فنانا!! و العكس صحيح، بينهم لا بد من البحث على المواهب بصدق و أمانة و إتاحة الفرص واجب.

على الجميع أن يدرك أن راتب الفنان ضروري لكي يعيش بكرامة مثله مثل كل من له شغل يقتات منه ، و لكن لا بد من تنظيم واضح المعالم للحياة الفنية ، من قانون الفنان ، تحديد المسؤوليات ، عدم الخلط بين التجارب الفنية ، احترام الواجبات و لكن أيضا احترام الحقوق. مع الأسف هناك خلط كبير، الشيء الذي ٱدى إلى هذا الجمود الغريب. نبقى على تفائل مع كل ما نراه.

الممثلة الفنانة سهى ولهى

يجب تظافر الجهود لتقديم الأفضل للفنان دون تهميشه

نعيش حالة تختلف عن السابق، المناخ ليس ملائما للإبداع، قبلا كان هناك نوع من الإبداع ورأينا مبادرات فردية ناجحة في جميع المجالات ، سينما، مسرح، فن تشكيلي وغيره، فالثقافة كان لها نوع خاص رغم الصعوبات في الجانب المالي والمكاني وغيره لكن الحديث عن الموضوع مربك.

إذا أردنا الحديث عن الابداع وفضاءاته، لا يوجد أليات للابداع فالفنان تجده يتعب ويعمل لكن حين تترصده الصعوبات والعراقيل فإنه يمل، ويفقد الثقة بنفسه، ببساطة ليس له دعم او تشجيع.

فلا يوجد تسويق للفن رغم وجود معارض او تظاهرات لكنها محدودة سنويا، وتجرى في حيز خاص، فالفنان التشكيلي والصناعات التقليدية والحرفية بدورها تعاني، لأن من المفروض تخصيص مساحة لهذا الفن لبيع منتوجاتهم مع الدعاية اللازمة لذلك فالفن بحاجة لدعم واستمرارية وأيضا التنسيق بين الجهات الوصية على غرار الثقافة والاتصال والسياحة، من أجل توفير فضاء مثمر وسليم يراعى مختلف حاجيات الفنانين دون تهميش وتفضيل فن عن أخر.

الحديث عن السينما والتلفزيون، من منظور فعّال لابد من مخطط ودراسة معمقة ، بداية من تحبيب الثقافة لأطفال وإدخالها للمدارس والابتدائيات وهذا من أجل تسهيل مهام الممثل أو الفنان، وبذلك تنشأة الأطفال على حب الثقافة وفروعها، وبذلك الفن يكون خارجا عن الأطر المعروفة والتي قيّدته وسلبت منه الجوهر، فالفن يجب أن يخرج الى لشارع بمختلف فنونه.

أما بخصوص، ظهور شخصيات التيك توك والانستغرام على الاعمال التلفزيونية، فهذا ربما لحاجة المنتجين لهم لسد الفراغ وتفضيلهم على أخرين مكونيّن، لكن أرى أن هؤلاء ” جماعة الانستغرام ووو” عملهم ليس سهلا، فهم جيدون أمام الكاميرا وحسن اختيارهم لمكان الفيديو والتركيب هذا ليس سهلا ، فأشعر أنهم يبذولون جهدا فرديا ، شخصيا أحييهم لأنهم يسايرون العصر

أتمنى أن يجد الفنان مكانا مثمر ليقدم الأفضل ويتقاضى أجرا جيدا يحميه ويحمى عائلته لان هناك من يمتهن غير الفن سواء الممثل او الفنان التشكيلي، المسرحي،  والموسيقى وغيره في ظل الظروف الاجتماعية الصعبة.

الفنانة الممثلة حورية بهلول

الجميع مسؤول عن تهميش الفنان

الحديث عن الفنان وتهميشة ومعاناته، موضوع كبير، فالفن يتخبط ، لغياب قانون فعلي يحميه، مجرد هرولة نسمعها كل مرة، عدم وجود نقابة للفنانين تدافع عنهم ، فالفن هو موهبة ومهنة شريفة، وهناك من يعيش منها بحكم عدم ممارسته لنشاط آخر غير الفن.هذا الإجحاف في حق الفن سببه معروف الإختلافات الموجودة بين الفنانين ليست هناك كلمة وكل فنان ” يغني بغناه” وللأسف من يدافع عن الفن بعيدوا كل البعد عن الثقافة الحقيقية، ولذلك يجب وضع نقابة صحيحة يتولى نشاطاتها فنانون صادقون أبناء المجال يعرفون الفن حق المعرفة ويدافعون عن مطالب الفنان بكل صدق ومصداقية، وبضمير مهنى ، للأسف طغت المصلحة الشخصية على العامة.

الخلل الموجود بشكل عام، ليس لنا صناعة سينمائية، جيّدة، لأن من يريد تولي الأعمال تجده تاجرا ومنتجا دخيلا على المجال ونفس الشيئ بالنسبة لمن يسمى نفسه ممثلا،  الصناعة السينمائية تخلق المنافسة، غيابها راجع لنقص المنتجين ولسوء اختيار الأعمال الجيدة،وبالتالي الدخلاء ظاهرة خطيرة تسيئ للفن فالموهبة لا تكفي وانما بالممارسة والبحث والدراسة.

فالحال عندنا، حزين، ممثلون فقدناهم وغابوا عن الساحة الفنية بسبب تهميشهم، هناك من لا يستطيع إقتناء علبة دواء،  وكأّن التهميش متعمدا وهذا ما جعل الفن يتهوى، والكل مسؤول عن هذا،  بداية من الفنان الى مسؤولي القطاع وغيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى